سري للغاية - بقلم يوسف اسماعيل

تاريخ النشر 3/12/2009 19:56

في ذات مساء ، وكنت يومها مراسلا لصحيفة " لمرحاف " في القدس والضفة الغربية ، أرسلت الى مكاتب تحرير الصحيفة في تل ابيب خبرا عن لقاء تم بين المرحوم الملك حسين الاردني وبين المرحوم وزير خارجية اسرائيل ، يغأل الون في وادي عربة حيث تباحثا في امكانية عقد اتفاقية سلام بين البلدين .

كان ذلك في أواخر عام 1968 .وكانت الرقابة تمنع نشر أنباء عن مواضيع محددة ، من بينها ما يخص اتصالات تجري بين مسؤولين اسرائيليين وبين مسؤولين من الدول العربية . ولم يكد الخبر الذي أرسلته يصل الى رئيس تحرير " لمرحاف " دفيد بديتسور حتى اتصل معي هاتفيا وقال ان الرقابة تمنع نشر الخبر ، ولكنه سيخالف أمر الرقابه وينشره اذا كنت متأكدا من مصداقية المصدر الذي أسرَّ لي بالمعلومات بالرغم من أن الرقابة تهدد بتقديم محرر الصحيفة ومراسلها الى المحكمة . ولم أكشف لدفيد مصدر الخبر ولكن أكدت له ثقتي التامة به ومعرفتي الأكيدة بعلاقاته الوثيقة بالملك حسين . ونشر الخبر ونقلته وسائل اعلام كثيرة عن " لمرحاف " وانتظرنا ، دفيد وأنا ، لائحة الاتهام التي ستقدم ضدنا والتي قد تقودنا الى السجن .
وكان وزير الاعلام في حينه المرحوم يسرائيل غاليلي الذي كان مع وزير الخارجية يغآل ألون زعيمي حزب أحدوت هعفودة صاحب وناشر صحيفة " لمرحاف " ، وكانا يجتمعان من وقت لآخر باعضاء هيئة تحرير الصحيفة لتبادل الرأي معهم ومعالجة قضاياهم .
وشاءت الصدفة ، وربما حسن الحظ أن يأتي ألون الى مكاتب التحرير في تل أبيب بعد ثلاثة أيام من نشر خبر لقائه بالملك الاردني وفي خضم ردود الفعل الواسعة التي أثارها . ولم أحضر شخصيا هذا الاجتماع ، ولكن دفيد بديتسور اتصل بي وقال ان المحررين سألوا ألون عن صحة الخبر فأجاب بأنه لا يؤكده ولا ينفيه ولكنه يقدر تحقيق صحيفته سبقا صحفيا أيا كان وأنه سيطلب من وزير الاعلام التدخل لدى الرقابة لاقناعها بعدم تقديم لائحة اتهام ضد محرر الصحيفة ومراسلها . وهكذا كان ، فلم نمثل أمام محكمة ولم ندخل السجن . ومات ألون وغاليلي ودفيد وتوقفت " لمرحاف " عن الصدور ولم أذكر ولو مرة واحدة خلال عشرات السنين الماضية اسم الشخصية التي كشفت لي في حينه  أن القاءات بين الملك حسين ومسؤولين اسرائيليين بدأت بعد انتهاء حرب عام 1967 بحوالي السنة وأن الملك الاردني كان جادا في عرضه على اسرائيل اقامة سلام شامل وكامل بين البلدين مقابل انسحاب اسرائيلي شامل وكامل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية .
واليوم ، وبعد أن انتقل المصدر الفلسطيني الذي استقيت منه خبر لقاء الحسين – ألون في أواخر عام 1968 الى جوار ربه ، أبوح لاول مرة بأنه المرحوم حمدي كنعان رئيس بلدية نابلس الأسبق . وأعتقد أن المرحوم حمدي كنعان أراد أن يوصل رسالة اردنية الى الرأي العام الاسرائيلي على أمل أن يقوم الشارع الاسرائيلي بالضغط على حكومته لكي تقبل العرض الاردني ، وذلك بدون الكشف عن مصدر المعلومات التي نشرت عما دار بين الملك الاردني ووزير الخارجية الاسرائيلي ، فكان له ، رحمه الله ، ما أراد .
ولماذا أروي هذه الواقعة الآن ؟
أولا وقبل كل شيء لأنه لم يعد سرا أن الملك حسين بذل قصارى جهده مع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة للتوصل الى حل تنسحب بموجبه اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران 1967 مقابل التوقيع على اتفاقية سلام بين البلدين .
وثانيا لأنه صدر باللغه الانجليزية كتاب بعنوان " أسد الاردن " للكاتب آفي شلايم عن مساعي الملك حسين لاقناع اسرائيل بقبول مبدأ الانسحاب الكامل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية مقاببل السلام الكامل ، وصدرت مؤخرا ترجمة الى اللغة العبرية لهذا الكتاب بعنوان " الملك حسين : قصة حياة سياسية " .
والحقيقة أنني لم أقرأ الكتاب ، ولكني قرأت بعض التعليقات على ما يتضمنه وأستخلص منها أنه بعد انتهاء حرب حزيران 1967 بحوالي السنة ، وبالتحديد في الثالث من أيار 1968 بدأت مساعي الملك حسين في اجتماع عقده مع وزير الخارجية الاسرائيلية آنذاك آبا ايبن وأنه اجتمع أكثر من مائة وخمسين مرة مع رؤساء الحكومات ووزراء وقياديين اسرائيليين آخرين الا أن جهوده باءت بالفشل . وبعث الملك حسين في حينه بمذكرة من اثنتي عشرة صفحة الى الرئيس الامريكي جورج بوش الأب قال فيها انه توصل الى نتيجة أن اسرائيل تنتهج أسلوب المراوغة والخداع ومحاولة اقامة دولة فلسطينية في الاردن وأن سلب الأرض لا يوفر الأمن وانما يشكل سببا للعداء الدائم . وفي عام 1987 توصل الملك الاردني الراحل ووزير خارجية اسرائيل يومئذ شمعون بيرس في محادثاتهما في لندن الى صيغة اتفاق الا أن بيرس لم ينجح في اقناع رئيس حكومته يتسحق شمير بقبول هذه الصيغة . وكتب العاهل الاردني الراحل في مذكرته التي تصدرتها كلمتا " سري للغاية " للرئيس بوش الأب أن المواقف والادعاءات التي طرحها الاسرائيليون في محادثاتهم معه اقتصرت على تأكيد قناعتهم بأفكارهم وتطلعاتهم وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تعيد النظر في سياستها ازاء تحقيق السلام في المنطقة .
وفي مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في عام 1988 طالب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية المرحوم ياسر عرفات بفصل الضفة الغربية عن الاردن واعتبار المنظمة صاحبة الحق والجهة المسؤولة عن معالجة القضية الفلسطينية . وقد عارض الملك حسين هذا الطلب بشدة غير أن الملوك والرؤساء العرب استجابوا لطلب أبو عمار فاضطر الملك الاردني الى اصدار مرسوم بفك لارتباط بين الاردن والضفة الغربية ، الأمر الذي فتح الطريق أمام توقيع اتفاقية السلام بين اسرائيل والاردن في وادي عربة يوم   5.7.1994 .
ملاحظة تاريخية
استطرادا لما سبق فان من يقرأ تريخ القضية الفلسطينية فلا بد من أن يلاحظ أنه بموجب قرار الامم المتحدة بخصوص اقامة دولة يهودية ودولة عربية في فلسطين فان المساحة التي خصصت للدولة العربية تساوي تسعة واربعين بالمائة من فلسطين التي كانت خاضعة للانتداب البريطاني . هذا القرار من يوم 29.11.1947 .
ولو استجابت اسرائيل لمساعي الملك حسين لتطبيق مبدأ " الانسحاب الكامل مقابل السلام الكامل " ، ولو قبل الفلسطينيون بمبادرة المرحوم الرئيس أنور السادات يوم أن جاء الى الكنيست " وفرض " السلام على اسرائيل , لكانت الدولة الفلسطينية قد قامت على مساحة حوالي اثنين وأربعين بالمائة من الأراضي التي انسحب منها الانتداب البرياطاني .
ويحق السؤال : ماذا حدث بعد خيبة أمل الملك حسين من اسرائيل وبعد رفض الفلسطينيين مبادرة الرئيس السادات واتهامه بالخيانة ؟
والجواب واضح وبسيط : اسرائيل تعرض اليوم على الفلسطينيين اقامة دولة لهم على مساحة حوالي عشرين بالمائة من الأراضي الواقعة بين البحر والنهر .
وغدا لناظره قريب .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.מענייןואוו מעניין מאודד.....3/12/2009 21:10
2.ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ¸أ¢â‚¬طŒط·آ·ط¹آ¾ط·آ¸أ¢â‚¬آ¦ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ ط¸ظ¾ط¸ظ¹ ط·ط›ط·آ§ط¸ظ¹ط·آ© ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط¸â€،ط¸â€¦ط¸ظ¹ط·آ© ط¸ث†ط¸ظ¹ط¸ئ’ط·آ´ط¸ظ¾ ط·آ£ط¸â€¦ط¸ث†ط·آ±ط·آ§ ط¸ث†ط·آ­ط¸â€ڑط·آ§ط·آ¦ط¸â€ڑ ط·ع¾ط·آ§ط·آ±ط¸ظ¹ط·آ®ط¸ظ¹ط·آ© ط¸â€‍ط¸â€¦ ط·ع¾ط¸ئ’ط¸â€  ط¸â€¦ط·آ¹ط·آ±ط¸ث†ط¸ظ¾ط·آ© ط¸â€‍ط¸â€‍ط¸â€¦ط¸ث†ط·آ§ط·آ·ط¸â€  ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¹ط·آ±ط·آ¨ط¸ظ¹ . ط·ع¾ط·آ´ط¸ئ’ط·آ± ط·آ£ط·آ® ط¸ظ¹ط·آ¤ط·آ³ط¸ظ¾ ط·آ¹ط¸â€‍ط¸â€° ط¸ئ’ط·آ´ط¸ظ¾ ط¸â€،ط·آ°ط¸â€، ط·آ§ط¸â€‍ط·آ­ط¸â€ڑط·آ§ط·آ¦ط¸â€ڑ .3/12/2009 22:58
3.ط·آ·ط¢آ³ط·آ¸ط«â€ ط·آ·ط¢آ³ط·آ¸أ¢â‚¬آ ط¸ث†ط¸â€،ط¸â€‍ ط¸ظ¹ط¸â€ ط·ع¾ط·آ¸ط·آ± ط·آµط·آ§ط·آ­ط·آ¨ ط·آ­ط¸â€ڑط¸â€کط¸ع† ط·آ§ط¸â€‍ط¸ئ’ط·آ±ط¸â€¦ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ­ط·آ§ط·ع¾ط¸â€¦ط¸ظ¹ ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸â€،ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€ ط¸ظ¹ط¸â€کط·ع؛ ط¸ظ¾ط¸â€‍ط·آ³ط·آ·ط¸ظ¹ط¸â€  ط¸â€،ط¸ظ¹ ط¸â€‍ط¸â€ ط·آ§ ط·آ£ط¸â€‍ 67 ط¸ث†ط·آ§ط¸â€‍48 ط¸ث†ط·آ¥ط·آ³ط·آ±ط·آ§ط·آ¦ط¸ظ¹ط¸â€‍ ط¸â€،ط¸ظ¹ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¯ط·آ®ط¸ظ¹ط¸â€‍ط·آ© ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€¦ط·آ¹ط·ع¾ط·آ¯ط¸ظ¹ط·آ© .. ط¸ظ¾ط¸ئ’ط¸ظ¹ط¸ظ¾ ط·ع¾ط·ع¾ط¸ث†ط¸â€ڑط¸â€کط·آ¹ ط¸â€¦ط¸â€  ط·آ§ط¸â€‍ط¸â€‍ط·آµ ط·آ£ط¸â€  ط¸ظ¹ط·آ¹ط¸ظ¹ط·آ¯ ط¸â€‍ط¸ئ’ ط·آ¬ط·آ²ط·طŒط·آ§ط¸â€¹ ط¸â€¦ط¸â€¦ط·آ§ ط·آ³ط·آ±ط¸â€ڑط¸â€، ط¸â€¦ط¸â€ ط¸ئ’ ط¸ث†ط·آ¨ط·آ£ط¸ظ¹ط·آ©ط¸ئ’ط·آ±ط·آ§ط¸â€¦ط·آ© ط·ع¾ط¸â€ڑط·آ¨ط¸â€‍ط¸â€،ط·آ§ط·ع؛ ط·آ£ط·آ¹ط·آ±ط¸ظ¾ ط·آ£ط¸â€ ط¸ئ’ ط¸â€‍ط¸â€  ط·ع¾ط¸â€ ط·آ´ط·آ± ط·آ±ط·آ¯ط¸â€کط¸ظ¹ ط¸â€،ط·آ°ط·آ§ ط¸ث†ط¸â€‍ط¸ئ’ط¸â€  ط·آ¹ط¸â€‍ط¸ظ¹ط¸ئ’ ط·آ£ط¸â€  ط·ع¾ط·آ¹ط·آ±ط¸ظ¾ ط·آ£ط¸â€  ط¸â€¦ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ط·ع¾ط¸ئ’ ط¸â€،ط·آ°ط¸â€، ط·ع¾ط·آ¶ط·آ±ط·آ¨ ط¸ئ’ط¸â€‍ ط·آ­ط¸â€ڑط¸ث†ط¸â€ڑ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ´ط·آ¹ط·آ¨ ط·آ§ط¸â€‍ط¸ظ¾ط¸â€‍ط·آ³ط·آ·ط¸ظ¹ط¸â€ ط¸ظ¹ ط¸ث†ط·ع¾ط·آ³ط·آ§ط¸â€،ط¸â€¦ ط·آ¨ط·آ´ط¸ئ’ط¸â€‍ ط¸â€¦ط¸â€  ط·آ§ط¸â€‍ط·آ£ط·آ´ط¸ئ’ط·آ§ط¸â€‍ ط¸ظ¾ط¸ظ¹ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¹ط·آ±ط·آ¨ط·آ¯ط·آ© ط·آ§ط¸â€‍ط·آµط¸â€،ط¸ظ¹ط¸ث†ط¸â€ ط¸ظ¹ط·آ© ط¸ث†ط·ع¾ط·آ·ط·آ§ط¸ث†ط¸â€‍ط¸â€،ط·آ§ ط·آ¹ط¸â€‍ط¸â€° ط·آ­ط¸â€ڑط¸ث†ط¸â€ڑط¸â€ ط·آ§..ط·آ³ط·آ£ط¸â€‍ط¸ث†ط¸â€، :ط¸â€¦ط¸ظ¹ط¸â€  ط¸ظ¾ط¸عکط·آ±ط¸â€™ط¸â€™ط·آ¹ط¸â€ ط¸ئ’ط·ع؛ط¸â€ڑط·آ§ط¸â€‍ ط¸â€‍ط¸â€،ط¸â€¦: ط¸â€¦ط·آ§ ط¸â€‍ط¸â€ڑط¸ظ¹ط·ع¾ ط·آ­ط·آ¯ط·آ§ ط¸ظ¹ط·آ±ط·آ¯ط¸â€کط¸â€کط¸â€ ط¸ظ¹ ط¸ث†ط¸ظ¾ط¸ظ¹ ط¸ث†ط·آ¶ط·آ¹ط¸â€ ط·آ§ ط¸â€،ط·آ°ط·آ§ :ط¸â€‍ط¸â€ڑط¸ظ¹ط·ع¾ ط·آ§ط¸â€‍ط·آ¶ط·آ­ط¸ظ¹ط·آ© ط·آ¨ط·ع¾ط·آ¨ط¸ث†ط·آ³ ط·آ¥ط¸ظ¹ط·آ¯ط¸ظ¹ ط¸ث†ط·آ¨ط·ع¾ط·ع¾ط·آ±ط·آ¬ط¸â€کط·آ§ط¸â€ ط¸ظ¹ 9/6/2010 10:19

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1730