صدر حديثا للمؤرخ الدكتور جوني منصور كتاب جديد بعنوان "رؤية معاصرة لحياة واعمال المطران غريغوريوس حجّار". وكان مؤلف الكتاب قد أصدر طبعته الأولى في العام 1985.
الكتاب بحلته الجديدة مقسم إلى أربعة أبواب وملاحق مرفقة بصور ووثائق تاريخية ذات صلة. يتطرق مؤلف الكتاب إلى حياة وأعمال المطران حجار الذي لقبه الشعب الفلسطيني بـ "مطران العرب" لمساهمته الجليلة في خدمة شعبه وقضيته العادلة. لقد عرّف المطران حجّار نفسه بأنه عربي وفلسطيني يفرح لفرح شعبه ويحزن لحزنه. وفي واقع الأمر فإن هذه الشخصية الوطنية المتميزة في تاريخ فلسطين قد لعبت دورًا مركزيًا في الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية والتعليمية في فلسطين وشرقي الأردن في العقود الأربعة من بداية القرن العشرين.
ساهم مطران العرب في بناء كنائس وبيوت كهنة وقاعات ومدارس ومؤسسات وجمعيات في المدن والقرى التي خضعت لإدارته كنسيًا. وفي الوقت ذاته تجدر الإشارة إلى أن المدارس التي أسّسها ساهمت في تعليم وتثقيف شرائح واسعة من أبناء الشعب العربي الفلسطيني، وحتى أن بعضها كان مفتوحًا لإستقبال طلاب قدموا من شرقي الأردن ومن لبنان، مثل المدرسة الأسقفية الوطنية في قرية البصّة المهجرة الواقعة شمالي فلسطين بالقرب من رأس الناقورة. "مدارس الحجار" هكذا عُرفت بلسان العامة كانت منارة في العلم والتربية الانسانية والوطنية وقَصَدها طالبو العلم من كل فئات الشعب دون أي تمييز أو تحيز، فالخير الذي لك هو للكل.
من جهة أخرى ساهم الحجار في الحركة الوطنية الفلسطينية من خلال مشاركته الفاعلة في المؤتمرات واللقاءات والنشاطات السياسية المدافعة عن فلسطين وعن حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه، دون ان يكون منتميا إلى حزب ما، بكونه منتميا لفلسطين وشعبها في الأساس. وكانت شهادته أمام اللجنة الملكية البريطانية(لجنة بيل) في العام 1937 تعريف واضح المعالم لأبناء كنيسته المسيحيين العرب بكونهم ينتمون إلى الشعب العربي وبكونهم فلسطينيين منذ بدء الخليقة، وان وجودهم في فلسطين سابق لأي دين من الأديان، وأنهم – أي المسيحيين العرب – قد ربطوا حياتهم ومصيرهم ومستقبلهم مع اخوتهم المسلمين الذين معًا وفقط معًا يشكلون مركبات الشعب العربي الفلسطيني. وشدّد الحجّار على الحق الفلسطيني القوي في فلسطين مشيرًا إلى أن الادعاءات اليهودية باطلة وزائفة وغير حقيقية ولا تمت إلى الواقع والتاريخ بأي صلة.
يبين الكتاب الأدوار التي لعبها الحجّار في ميادين مختلفة وتأثيرها على واقع ومستقبل أبناء شعبه، ويعكس صورة واضحة لتعريف هويته الوطنية والقومية العربية التي رأى فيها ركنًا من أركان مكوناته ومقوماته الشخصية والعامة.
استفاد مؤلف الكتاب في وضع كتابه سواء في طبعته الأولى أو الثانية المنقحة والمزيدة من عشرات المقابلات الشخصية التي أجراها على مدى ثلاثة عقود من الزمن، ومن الوثائق المنتشرة في ارشيفات عديدة داخل وخارج الوطن، وأيضًا من الصحف الفلسطينية التي كانت صوتًا للحالة الفلسطينية والعربية في الفترة الواقعة بين الحربين العالميتين.
وجدير ذكره هنا أن اسم الحجّار قد أطلق على عدد من شوارع المدن والقرى العربية، منها حيفا وشفاعمرو وكابول، والدعوة موجهة إلى باقي البلدات لتخليد اسم هذه الشخصية الوطنية.
هذا، وسيقوم مؤلف الكتاب بتقديمه للجمهور الواسع من خلال سلسلة من المحاضرات والندوات في المدن والقرى العربية لنشر فكرة الكتاب الداعية في أساسها إلى الانفتاح والحوار بين أبناء الشعب الواحد، شعب هذه الأرض الطيبة، من خلال استعراض الخطوط الرئيسية لحياة وأعمال المطران حجّار.