حديث الرّوح

بقلم: المُحامي فريد غانم,
تاريخ النشر 09/10/2013 - 10:48:57 am

تواصل باقات من الشبان والشابات من أبناء المغار، مثل الجدول اللألاء، وكوكبة من الأطفال الواعدين والبراعم الفنية، تشكيل حديقة غناء من الفنون على مختلف أطيافها وألوانها، بدءا بالفنون التشكيلية، مثل الرسم والنحت والنقش والبناء الإب...داعي والتصوير الفوتوغرافي الفني والخط العربي (الأرابيسك) وفن إعادة الاستخدام (reuse) والتدوير، مرورا بالمسرح والتمثيل والفنون الحركية، وانتهاء بالغناء والموسيقى وغيرها من الفنون التقليدية والحديثة وما بعد الحديثة.

وقد شهدت المغار خلال السنوات الماضية، سواء في قاعة إشكول بايس أو المركز الجماهيري أو ساحات المدارس وأروقتها وقاعاتها، مئات من المعارض والعروض والورشات والمهرجانات، شارك فيها الكبار والمخضرمون والشبان والشابات والصغار، وأتحفونا بالنغم والصوت والكلمة واللوحة والخط والشكل والحركة.

تطرقنا في الماضي، وتناولت وسائل الإعلام المحلية والقطرية، كثيرا من هذه النشاطات الحضارية، مما جعل المغار عنوانا ليس فقط لقرى المنطقة وإنما لبعض المدن. وأشرنا، في الكثير من المناسبات، إلى العديد من الفنانين والفنانات، ولم يتسع المقام لذكرهم جميعا. فهنالك المئات منهم، وعشرات ممن لم تتح لهم الفرصة لعرض مواهبهم، وعشرات آخرون ممن يمارسون نشاطاتهم الفنية والإبداعية خارج المغار. وهنالك عشرات الأسماء اللامعة والواعدة، التي تستحق منا الثناء والتشجيع والتصفيق.

وبما أن القائمة طويلة، بحيث لا نستطيع ذكر جميع فنانينا ومبدعينا، كبارا وصغارا ومخضرمين، نكتفي بالإشارة السريعة إلى بعض المحطات، مع الاعتذار لكل من لم ينل حقه منا من حيث الالتفات إليه بالقدر الكافي. لكننا سنواصل الشد على أيدي الجميع، بما في ذلك سرد الأسماء والنجاحات.

تحدثنا ونشرنا ونشرت وسائل الإعلام عن الشعراء في مهرجان نيسان الدولي، وعن العازفين والمغنين الذين شاركوا بوصلات أو أحيوا حفلات راقية وعن الفنانين والمغنين الذي شاركوا في منافسات دولية أو الذين بدأوا يطرقون أبواب الشهرة القطرية والشرق أوسطية. كم تحدثنا عن الأطفال الذين يبشرون بالخير، بمن فيهم أعضاء جوقة المدرسة الابتدائية ب ومدربهم الأستاذ هشام خوري، وعن فرقة الباليه وتلاميذ معهد "ميوزك دريم".

تحدثنا عن معارض الفنانين التشكيليين أمثال حكمت خريس والمرحوم صقر غانم وفهيم فوارسة وزوهر غانم وحسن طوافرة واسعيد سرحان والقائمة طويلة. تحدثنا عن التماثيل الرائعة التي صممها فنانون بقيادة وريادة كلية المغار بإدارة السيدة نهى بدر. تحدثنا عن جداريات الفسيفساء الجميلة التي تزين ثلاثة مواقع (جدار لمدرسة قاسم غانم الشاملة وجدار الكنيسة وجدار المدرسة الابتدائية ب) بتصميم وتنفيذ طلاب ومرشدي كلية المغار المذكورة. تحدثنا عن والمسرحيات من إنتاج الأخ راضي دخيل شحادة والدكتور ضرغام جوعيه وغيرهما والكوميديات الفردية والثنائية والثلاثية لنخبة من الفنانين وعن الحلقات التمثيلية الساخرة عبر محطة "مونت كارلو" ومحطة "هوانا" من إنتاج نهد بشير ورأفت خريس ومشاركات من لطفي عرايدي وعنان أبو زيدان والطفل كنار سليمان عرايدي. وسوف يتاح لنا الوقت للحديث عن آخرين وآخرين، مثل سليم فوارسي الموهوب في فن البناء الإبداعي والأصوات الرخيمة والمواهب الغنائية، مثل أنور أبو زيدان ونمر أبو زيدان وعوض طنوس وساهر صلاح الدين ويوسف خليفة وأيمن صلاح الدين والقائمة طويلة.

تحدثنا وتحدثت وسائل الإعلام عن ورشات التصوير الفني في المخيمات الصيفية الضخمة وورشات مراكز الشبيبة المتنوعة، التي تثلج الصدور وتثير التفاؤل، بما فيها من أطياف وألوان فنية وحضارية شتى، وعن رسومات الأطفال والنتاجات التراثية في مختلف المدارس.

تحدثنا وتناولنا ونشرنا، ثم تحدثنا ووجهنا التحيات وتناولنا النشاطات الثقافية مئات المرات. غير أننا لم نعط الجميع ولم نعط كل الإبداعات حقها.

نلتقي كل يوم بفنانين وفنانات، وبذوي قدرات في كل المجالات، الفنية وغير الفنية، خصوصا في صفوف الشبيبة والشبان والشابات أبناء المغار. إننا نتعلم من كل واحد وواحدة منهم، في كل لقاء، لأهمية وعمق واتساع ما لديهم وشدة رغبتهم في العطاء. غير أن الدرس الحقيقي من كل ذلك هو أن المغار، على الرغم من المظاهر المسيئة والنواقص الكثيرة فيها والتي نعمل على التخلص منها، ما زالت بألف خير. لأن فيها من القدرات والطاقات وأصحاب القيم، ما يزكيها لأن تتحول حقا إلى مرتبة مدينة عصرية ومتحضرة، ليطغى الإيجابي والإنساني على السلبي ولتتحول المغار إلى شمعة تضيء على ما حولها وعلى أهلها.

كل ما نحتاج إليه هو إشراك أوسع وأعمق لهذه القوى الخلاقة والمبدعة والقادرة، ودفعها إلى التأطر في إطارات جمعية ومهنية، ووضع أصحاب المواهب والكفاءات والقيم في المواقع المؤثرة. بهذا الجمهور، صاحب الكفاءات والمواهب والقدرات، نرسم مستقبل المغار الزاهر.

وإن كنا تحدثنا، فيما سبق من كلام، بصيغة عامة، فاسمحوا لي أن أتطرق إلى ثلاثة حالات معبرة.

الأولى، نجاح الشاب مصطفى زهر الدين سعد مؤخرا في الظهور والعزف إلى جانب عازف دولي مشهور في مهرجان دولي هام، في "هايد بارك" في لندن. إن هذا الموقف المشرف، الذي نشر عنه في وسائل الإعلام، ونجاح مصطفى سعد وإخوانه، في الوصول بعيدا في مجال العزف الموسيقي الشرقي الأصيل، سواء على منصاتنا أو على المنصات الدولية، هو نجاح باهر ليس فقط لهم ولأفراد أسرتهم بل أيضا للمغار كلها ونجاح لمحيطنا القريب والبعيد. ونحيي في هذا السياق الموسيقيين والمغنين الجادين، الذين يتقنون سيد درويش ومحمد عبد الوهاب وصالح عبد الحي وأسمهان وأم كلثوم وغيرهم، ليبنوا ويصقلوا مواهبهم على الفترة الذهبية وليرسموا مستقبلا ماسيا لنا ولغيرنا.

الحالة الثانية، هو فن الخط العربي، الذي يبرع فيه ويبدع الفنان المخضرم عصام بدر وآخرون. فمن يزر مكتب عصام ويجالسه يكتشف أن لديه الثقافة والأنامل والتجربة الغنية، للوصول بهذا الفن الرفيع والمشهور على المستوى الدولي (أرابيسك) إلى أرقى المستويات. ولا شك في أننا بحاجة إلى الالتفات إلى هذه الموهبة وهذا اللون من الفنون العريقة.

والحالة الثالثة، هو الفنان حمودة صالح عقلة. فهو فنان في مجال الطبخ والطهو، ويرى في الموضوع أكثر بكثير من ملء المعدة. فحمودة عقلة يرسم المائدة والطعام، ليخرج من مألوف الطبيخ إلى مستوى الفنون. وليس صدفة أنه حاز على جوائز دولية وميداليات ذهبية، إحداها في اسطنبول. فهو يرسم، وينفخ روح الفنان في المائدة.

هذا هو حديث الروح.

إننا نفتخر بفنانينا وفناناتنا، واحدا واحدا وواحدة واحدة. إنهم، باختصار، مستقبلنا ونبض حياتنا الحضارية.

 

ملاحظة: بِطَلب من المحامي فريد غانم لن يتم نشر تعقيبات على المقال.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1782