ليالي العشر : بقلم رئيس مجلس المغار المحلي المحامي فريد غانم

بقلم رئيس المجلس المحامي فريد غانم,
تاريخ النشر 06/10/2013 - 05:05:30 pm

بدأ، يوم أمس، العد العشري التنازلي، نحو عيد الأضحى المبارك، ليحتفل به أبناء الطائفتين الإسلامية والدرزية، بمشاركة الأخ للأخ من أبناء الطائفة المسيحية. فأعياد كل طائفة، كما جرت العادة في بلدنا وعلى مدار قرون، هي أعياد لكل مغارية ومغاري.

وفيما يقوم أهلنا من الطائفة الإسلامية بما تمليه الفرائض الدينية في شهر رمضان الكريم، وعلى رأسها الصوم والزكاة، وفيما يقومون بتأدبة مناسك الحج إلى البيت الحرام وأولى القبلتين، فإن أبناء الطائفة المعروفية يمارسون ما يسمى "ليالي العشر" التي تبدأ عشرة أيام قبل عيد الأضحى المبارك. وهي ليالي كنا، في فترات الطفولة والصبى، نمارسها بكل شغف وسعادة.

ليالي رمضان ومناسك الحج وليالي العشر هي ليست فقط تقليدا دينيا، وإنما أيضا ووفق أحكام الشرائع الدينية، مناسبة لمحاسبة النفس وتذكيرا بدور الإنسان في العطاء من أجل خالقه و مجتمعه وعالمه، عملا بمبدأ "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" (الإمام علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه).

وفيما يتوج عيد الفطر السعيد شهر رمضان الكريم، شهر الصوم عن الطعام والشراب والمعصيات والخطايا، فإن عيد الأضحى يتوج ليالي العشر ويذكرنا، عاما عاما، بالتضحية الأسطورية الإبراهيمية، ويحثنا على العطاء والتضحية من أجل القيم العليا، السامية.

المغار تتميز بتنوعها، وعلى رأسها كون مغارنا تحتضن أبناء ثلاث طوائف وأكثر من مئة وعشر عائلات وثمانية أحياء. والتنوع، حين يحترم واحدنا الآخر ويصون كرامته ولا يعمل تجاه الغير ما لا يرضاه لنفسه، وحين نضع المغار في رأس سلم الانتماءات ونتخلص من البغضاء والتعصبات القبلية بكل أشكالها - هذا التنوع يشكل، حينئذ، منبعا ثريا للثروة الاجتماعية والفكرية والإنسانية والحضارية. حينئذ، يكون الجزء جزءا من كل متجانس، كأن كل واحد وكل عائلة وطائفة وحي وأسرة، قطعة من لوحة فسيفساء.

غير أن التناغم وتعميق الانتماء للبلد الواحد والمشاركة في هذه اللوحة الجميلة، المتجانسة على تنوعها، والغنية بمركباتها بفضل ما فيها من ألوان وأشكال، لا يتأتيان بمجرد التأمل والوعظ، وإنما أيضا بالعمل الدؤوب والمدروس والواقعي والعقلاني لتوفير الظروف بهدف دفع كل فرد للمشاركة في كل الأعياد والنشاطات والفعاليات الجمعية والمجتمعية، وعلى رأسها حث أبناء الشبيبة، شبانا وصبايا، على المشاركة الفعالة في الأطر الثقافية والتربوية والرياضية، والمبادرة إلى التأطر في مجموعات متجانسة، من كل الأطياف، للقيام بمثل هذه الفعاليات والنشاطات الإنسانية والحضارية. 

في مثل هذه المناسبة، نتوجه إلى كل الأسر والعائلات الثكلى، التي ثكلت أحد أبنائها أو بناتها في الفترة بين عيدين، بأحر التعازي ونتمنى أن يعود العيد عليهم بهداة البال والمسرة والسعادة. ونتوجه إلى أبناء الطائفتين، الإسلامية والدرزية وإلى كل أبناء المغار، بأجمل التهاني والتبريكات.

وإلى كل من يشارك في ليالي العشر المضيئة، نتمنى لكم ليالي مثرية وأنيسة.

ونشد، في هذه المناسبة، على أيدي الأطر الفاعلة وعلى رأسها جمعية العرفان، التي تفتح صدرها وأبوابها، لكل أطفال المغار بكل طوائفها، وندعو الجمهور الكريم إلى التبرع بسخاء لمثل هذه الأطر. فالتبرع والتطوع هما الوجهان الساطعان للتضحية والعطاء.

وفيما يتعلق بالتضحية والكرم والعطاء: لو سألني أحد: "من هو الكريم؟"، لأجبته:

الكريم هو من يعطي الغير بدون مقابل.

ولو سألني: "ومن هو الأكرم؟"، لأجبت:

 "إن أكرمكم عند الله أتقاكم". ولسنا بحاجة إلى توضيح معانى التقوى.

ولو سئلت: "ومن هو أكرم الكرماء؟"، لأجبت:

أكرم الكرماء هو الذي يشعل نفسه ليضيء على الآخرين، مقتديا بقيم الأضحى المبارك. 

وكل عام وجميعنا بألف خير.

بطلب من رئيس المجلس لن يتم نشر التعقيبات .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1730