الاصطياد في المياه العكرة

بقلم : ربيع إبريق - أبو سنان,
تاريخ النشر 20/07/2011 - 08:49:43 pm


الاصطياد فن جميل، يستعمله البعض منا كهواية بينما يكون بالنسبة للآخرين مهنة يكسبون منها رزقهم وقوتهم. هذا الفن المميز يُعلّم الإنسان  الصبر والتحمل والتأمل والشفافية ، وهي أيضا لحظات يختلي فيها الإنسان بنفسه ويبتعد عن هموم الدنيا ومشاكلها ومتاعبها ، وكلما اصطاد الصياد أسماكا أكثر كلما  زاد شعوره بالغبطة والفرحة ، لأن في ذلك دلالة على إتقانه هذا الفن الجميل...

عندما يمارس الصياد  مهنة/هواية الصيد تكون المياه عادة صافية ، وهذا دليل على الشفافية التي تُميز هذه المهنة/الهواية ، وغالبا ما يُشاهد السمك الصنارة ويُلاحظ الطُعم الموجود فيها ، لذلك يبتعد عنها.

ولكن هنالك نوع من الصيادين المكارين المحتالين الخبيثين الذين يبتعدون في صيدهم عن الشفافية ، ويُعكرون المياه بأنفسهم فيقترب السمك من الطُعم ويبلعه ، دون أن تراوده  الشكوك بسبب انعدام الرؤيا ،  فالسمك في المياه العكرة لا يرى جيدا ولا يستطيع المناورة في السباحة ، فيكون اصطياده سهلا...

هكذا الوضع في بحار الكون وأنهاره ، وللأسف هكذا أضحى الوضع في بحار حياتنا وفي أنهار زماننا ، لأن العديد من بني البشر أصبحوا يتقنون هذا النوع من الصيد - " الاصطياد في المياه العكرة ".

فعندما تحدث مشكلة مُعينة بين طرفين  نجد أن أبناء المجتمع يتصرفون بعدة أنماط  سلوكية : القسم الأكبر منهم يبقى متفرجا ، ينظر بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث لما حدث – من منطلق بأن هذا الخلاف لا يعنيه ولا يخصه ، لذلك يُفضل البقاء بعيدا ، مُحايدا ،لاعبا دور المشاهد.

القسم الثاني من الناس –وهم الأقل عددا- يحاولون ويجتهدون من أجل إصلاح ذات البين بين الطرفين المتخاصمين ، داعين إلى تحكيم العقل وإلى التسامح والتقارب وفض النزاع بين الأطراف المتخاصمة .

أما القسم الآخر والأخير ، وهم الأشد خطورة - وللأسف فهُم في تزايد مستمر ومقلق- هم أولئك الذين يحاولون الاصطياد في المياه  العكرة ، بمعنى أنهم يُحاولون استغلال الظروف لصالحهم ويعملون على تخريب العلاقات بين الطرفين وعلى تأجيج نار الفتنة . مما لا شك فيه أن هؤلاء يتصرفون بدوافع غير سليمة وبنوايا غير بريئة ، محاولين التسلق واستغلال الفرصة  للحصول على مآربهم. إنهم يتقربون من هذا الطرف تارة ومن الطرف الآخر تارة أخرى، عاملين- جاهدين على تضخيم الخلاف بين الأطراف ، وعندما يشاهدون بأن "المياه" تميل إلى النقاء والصفاء وإذ بهم يعملون مرة أخرى على تلويثها وتعكيرها وتوسيخها ، كيف لا وهُم لا يستطيعون زرع الفتن وحصد الشقاق ودبّ الخلاف إذا مالت تلك "  المياه" إلى النقاء وتخلصت من تعكيرها .

وما يُثير الدهشة بأنّ العديد منا يقع طُعما في صنارة هؤلاء "الصيادين"  المكارين ،  فننجرف وراء مكرهم وخداعهم دون أن تكون لدينا القدرة على المقاومة وعلى اكتشاف خداعهم ومكرهم ودسائسهم الخبيثة ، فبينما تكون الأطراف المتنازعة غارقة في جو مشحون من الضغينة والكراهية التي يحملها كل طرف للطرف الآخر – نجد  أن ذاك "الصياد" يستمتع بصيده وبنجاحه على نشر الفتنة والتنافر بين المتخاصمين...

علينا ، إخواني، أن نكون أشد حذرا عندما نتعامل مع هؤلاء "الصيادين"، حتى لا نكون طعما في صنارتهم ، فيضعونا في سلة صيدهم ويستغلونا من أجل تنفيذ مآربهم وأهدافهم المقيتة ومصالحهم الدنيئة ، ولكي ننجح في ذلك علينا الابتعاد دائما عن المياه العكرة والتواجد فقط  في المياه العذبة النقية.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1782