عهد التميمي... الطفلة الفلسطينية التي أرعبت الاحتلال الإسرائيلي! بقلم مهدي سعد

بقلم مهدي سعد,
تاريخ النشر 30/03/2018 - 07:43:23 am

قررت المحكمة العسكرية الإسرائيلية مؤخرا الحكم على المناضلة الفلسطينية عهد التميمي بالسجن لمدة ثمانية أشهر، وذلك بعد أن وجهت إليها عدة تهم من بينها تهمة صفع وركل جنديين إسرائيليين تسللا إلى فناء منزلها في قرية النبي صالح الواقعة شمال غرب رام الله. 

أعتقد أن هذا القرار المشين يدل على إفلاس المؤسسة الإسرائيلية التي تقف عاجزة أمام عزيمة الشعب الفلسطيني البطل، الذي ما زال مصمما على مقاومة الاحتلال بالرغم من التضحيات الجسام التي قدمها على مدار العقود الماضية. 

لا شك أن الطفلة الفلسطينية عهد التميمي تمثل نموذجا فعليا للمقاومة الشعبية السلمية للاحتلال الإسرائيلي، وهذا ما أرعب المؤسسة الإسرائيلية التي وظفت كافة أذرعها القضائية والإعلامية من أجل محاربة طفلة بريئة كل ذنبها أنها حاولت طرد جنود الاحتلال من ساحة بيتها. 

وما أقض مضاجع المؤسسة الإسرائيلية أكثر هو كون عهد التميمي قد كسرت الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية التي يحاول الاحتلال تسويقها من خلال أبواقه الإعلامية، لذلك وصل بهم الهوس إلى اعتبار هذه العائلة المناضلة غير حقيقية ومستوردة من الخارج كما ادعى أحد أعضاء الكنيست. 

هذا النمط من التفكير نابع من عقلية استعمارية تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى شيطنة الشعب الواقع تحت الاحتلال، وذلك من أجل تبرير إذلاله وقمعه وارتكاب الجرائم والموبقات بحقه، وإطالة أمد الاحتلال بادعاء أن هذا الشعب غير ناضج لإدارة شؤونه بنفسه وإقامة دولته المستقلة. 

لقد أصبح واضحا أن المحتل الإسرائيلي يوظف كافة طاقاته في سبيل تلطيخ سمعة المناضلين والمناضلات ضد الاحتلال، وهذا يعود إلى كونهم باتوا يشكلون شوكة قوية في حلقه وعقبة كأداء في وجه مخططاته التوسعية، لذلك علينا أن لا نستغرب هذه الهجمة المسعورة على عهد وأمثالها من المقاومات والمقاومين الذين يتحدون الاحتلال ويتصدون له بالرغم من إمكانياتهم الضعيفة والمحدودة. 

جدير بالذكر أن عهد التميمي ليست الفتاة الوحيدة التي تعرضت لهذا المصير، فتاريخ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية حافل بالجرائم بحق الأطفال الأبرياء، وقد تنوعت هذه الجرائم بين قتل وسجن وإهانة وتعذيب، فالأطفال الفلسطينيون يعانون بشكل يومي من ممارسات الاحتلال التعسفية التي لا يفرق فيها بين صغير وكبير. 

وفي هذا السياق، من المهم الإشارة إلى أن أسلوب المقاومة الشعبية أثبت نجاعته وقدرته على التأثير، وتجربة قرية النبي صالح التي تنتمي إليها عهد خير دليل على ذلك، حيث تشتهر هذه القرية باتباع أهاليها نهج النضال المدني عبر القيام بمظاهرات سلمية ومسيرات جماهيرية للمطالبة بإزالة مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضيهم التي صادرتها سلطات الاحتلال، ولقد نجحت هذه القرية في إيصال معاناة أهاليها إلى الرأي العام العالمي بالشكل الصحيح، وتمكنت بفضل نضال أبنائها المثابر من كسب تعاطف عالمي غير مسبوق مع قضيتها العادلة. 

يواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي المسيرات الأسبوعية التي يجريها أهالي النبي صالح بالقمع والتنكيل، حيث يطلق جنود الاحتلال على المتظاهرين الرصاص المطاطي والقنابل الغازية والصوتية، أضف إلى ذلك القيام بعمليات اعتقال مكثفة للمشاركين في المظاهرات، وتستهدف هذه العمليات الأطفال بشكل خاص، حيث شهدت القرية العديد من حالات الاعتقال والاحتجاز للأطفال التي تراوحت بين أيام وأشهر. 

لا بد من التأكيد على أن الأساليب القمعية التي يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل لن تغير من الواقع شيئا، لأن الحقيقة تفيد بأن هناك شعب واقع تحت الاحتلال، ومن حقه مقاومته بكافة الطرق التي يجدها مناسبة، ولن تنجح هذه السياسة العدوانية بإخضاع وتركيع هذا الشعب الصامد المصمم على المضي بالنضال حتى ينال حريته الكاملة. 

تجارب الشعوب والأمم أثبتت بما لا يقبل الشك بأن كل احتلال تواجد على سطح الأرض كان مصيره الزوال الحتمي، ومن الطبيعي أن يلقى الاحتلال الإسرائيلي نفس المصير مهما طال الزمن، ولن تقوى عنجهية الاحتلال على إرادة شعب قطع عهدا أن يواصل مسيرة الكفاح إلى حين تحقيق حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1809