في حفل تكريم الدكتور منير توما : منير توما ناقدًا وشاعرًا باللغتين - بقلم فتحي فوراني

موقع سبيل,
تاريخ النشر 27/02/2016 - 01:37:27 pm

• التكريم غير التقييم والتقويم
أعلن منذ البداية أنني لست محايدًا..إنني منحاز بقلبي وعقلي ووجداني إلى عريس هذه الأمسية التكريمية..إلى الصديق ورفيق الطريق المبدع الدكتور منير توما.
وفي الأمسية التكريمية تنزاح المساطر النقدية الأكاديمية التي تملك قلبًا من رصاص..فتنزوي  جانبًا لتبحث لها عن فضاء نقدي  آخر..فالفضاء التكريمي المتاح هذه الليلة لا يتيح لنا أن نقترب من دائرة النقد الأكاديمي الموضوعي. قالت العرب: لكل مقال مقام. ومقال الليلة مقامه التكريم وليس النقد والتقييم والتقويم. ولهذا وذاك لنا لقاء نقدي آخر.

• عن الخلافات العائلية مع العم سيبويه وآخرين
عرفت الدكتور منير توما لأول ذات مرة عبر الهاتف..عندما ألقيت على عاتقي مسؤولية  التحرير الأدبي لصحيفة "الاتحاد" قبل أكثر من عشر سنوات. ودار بيننا حديث ودّي ممتع عن تنوين الفتح وهمزتي القطع والوصل وعن زيد الذي ضرب عمرًا وتطرق الحديث إلى  الخلافات العائلية مع العم سيبويه وأبي الأسود الدؤلي والخليل بن أحمد الفراهيدي..وباقي أفراد القبيلة النحوية. وتتسارع وتيرة الدردشات الثقافية لتبلغ غايتها وتنشأ الرغبة الصادقة في اللقاء الشخصي..فنتواعد..ونلتقي..ويطيب لقاء..تتبعه لقاءات!
كان لي ما أردت وكان له ما أراد. وتقاطع الخطان المتوازيان..
كانت لنا لقاءات كثيرة في المناسبات الثقافية والاجتماعية التي اشتركنا فيها معًا..وكانت لنا فيها مساهمات أثرت هذه المناسبات وأكسبتها مذاقًا له نكهة مميزة.

• أبو نواس والخيام تحت خيمة بابلية واحدة
وبخط مواز لهذه اللقاءات الثقافية..كانت لقاءات تزخر عيشًا وملحًا..وعندما كانت تُنصب مائدة العيش والملح..كان الزمن الطويل يتهاوى ويختزل وما يلبث أن يتبخر بسرعة خيالية..فلم نشعر كيف تهرب الساعات الست وتختفي  في رمشة عين. كنا على مائدة العيش والملح..نقتحم الينابيع الثقافية..فنعبّ منها ولا نرتوي..ولم يزدنا الورد إلا عطشًا. كانت لقاءاتنا تطول لتبلغ ساعات بدل الساعة الواحدة. يكون الحديث ذا شجون..وينشر ظلاله لتغطي المساحات الأدبية والثقافية والاجتماعية والسياسية..وبين الطرفة والطرفة..والشاردة والواردة..والنادرة الشعبية والأشعبية والأخوات الفاضلات..يطل علينا أبو نواس بخمرياته النواسية.. فيحضر وفي حقيبته ما تيسر من بنات العناقيد البابلية.. ويكون نورًا على نور. ولا يلبث الخيام أن يلحق به  فيأتينا مهرولا..وينصب خيمته..وينضم إلى عشاق الأبجدية..الدكتور منير توما وإبراهيم حجازي والعبد الفقير..ويروح يلقي علينا ما تيسر من إبداعاته الشعرية..فينشدنا قائلا:
لا تَشغل البَال بماضي الزمان
ولا بَآتي العيش قبلَ الأوان
واغنم مِن الحاضرِ لذّاتهِ
فليسَ في طبعِ اللَّيالي الأمان
**
القلبُ قَد أضناهُ عِشق الجمال
والصدرُ قَد ضاقَ بما لا يُقال
يا ربْ هل يُرضيك هذا الظما
والماءُ ينساب أمامي زُلال
**
تكون اللقاءات الخيامية والنواسية مرة في عروس الكرمل..ومرة في كفر ياسيف..ومرة في طمرة..وينتشر العطر الثقافي في ربوع هذا الوطن.

• بطاقة هوية..وبيدر ثقافي عامر
لم أكن أعرف شيئًا عن الدكتور منير..إلى أن جاءتني حمامة زاجلة فألقت بين يديّ رسالة مغلقة مزنرة بشريط وردي..قالت لي "إقرأ"..وطارت بعيدًا. فتحت الرسالة  فتضوّع  شذاها وقرأت فيها ما يلي:
 مسقط الرأس كفر ياسيف
تخرج من الفرع العلمي في مدرسة يني الثانوية
يحمل شهادة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية وآدابها
ينظم الشعر باللغتين العربية والإنجليزية
وأتابع القراءة..فتفرش أمامي مائدة شهية من الإبداعات..شعرًا ونقدًا ومقالة.
أمامنا أربعة دواوين: أوراق  خريفيَّة- ويبقى  الهوى - تجليَّات  ربيعيَّة  - ورد  وشجن
ديوانان باللغة الإنجليزية: أزاهير الألم  - سطور عاطفيَّة
وفي باب المقالة النقدية  كتابان: محاضرات في الفكر والأدب - محاضرات في الآداب العالميَّة.
ليس غريبًا إزاء هذا البيدر العامر من العطاء الإبداعي..وما يرافقه من أحاديث شخصية..أن يصفه  البعض أنه موسوعة تمشي على قدمين!

• آن لنا أن نرد التحية بمثلها وأحسن منها
ما من كتاب  شعرًا كان أو نثرًا يشق طريقه إلى الدكتور منير حتى يفتح له أبواب القلب على مصاريعها..فيرحب به أجمل ترحيب.. ويحتضنه ويعانقه ويغمره حبًّا وحفاوة..ويكرمه أحسن تكريم.  لقد فرش الطائر جناحيه على مساحات شاسعة من الإبداعات التي تشكل المشهد الشعري في هذا الوطن. ولا بد من الإشارة إلى  أن قلمه الإبداعي كثيرًا ما كان يغضّ الطرف عن الثقوب في النص الأدبي الموضوع على طاولة التشريح..فغلبت على مقالاته الحفاوة الأدبية..وتوجهه  الإنساني الأخلاقي.
نحن أمام كاتب وشاعر وناقد واسع  الاطلاع..غزير الإبداع..ونبع ثرّ تتدفق مياهه الزمزمية.. بلا انقطاع!
نحن أمام إنسان إنسان لا تستطيع إلا أن تحبه وتشدّ على يديه..وتطبع على جبينه قبلة..ولا تبخل عليه بالكلمة الطيبة
 فهل كثير علينا بعد هذا أن نعلن حبنا لهذا القلم الحاتمي؟
هل كثير علينا أن نكرّم من احترف تكريم الآخرين؟
لقد آن لنا أن نرد التحية بمثلها وأحسن منها.

• أسعدُ الناس..من أسعدَ الناس
سئل أحدهم: من أسعدُ الناس؟
فأجاب قائلًا: أسعدُ الناس..من أسعدَ الناس.
لقد أسعدتَ يا حبيبنا كوكبة كبيرة من الكتاب والشعراء..وتركت بصماتك النقدية على إبداعاتهم.
والوفاء يقضي أن نكون أوفياء..وأن نُسعدك بهذه الحفاوة التكريمية.
فهنيئًا لك..وهنيئًا لنا بك..
دمت لنا بصحة وعافية..ودام عطاؤك الإبداعي..
سلام لك..وسلام الله عليك..والسلام لكم والسلام عليكم..
**
(نص الكلمة التي ألقيت في الأمسية التكريمية للأديب والشاعر والناقد
الدكتور منير توما . أقيمت الأمسية  يوم الخميس 18-2-2016 في قاعة كنيسة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسية في حيفا  بدعوة من نادي حيفا الثقافي.
شارك في الأمسية:
قدس الأب الإيكونوموس عطا الله مخولي، والإخوة والأساتذة: يوسف ناصر- فهيم أبو ركن- رمزي خوري-رشدي الماضي- فتحي فوراني.
تخلل حفل التكريم فقرات زجلية قدمها كل من الزجالين:  شحادة خوري وتوفيق حلبي، وتولى عرافته الشاعر الدكتور عناد جابر)
**
(من كتاب "أقمار خضراء" الذي سيصدر قريبًا)

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1808