نعم لحرية التعبير، لا لحرية التعكير والتكفير - بقلم: فريد قاسم غانم رئيس مجلس المغار المحلي

تاريخ النشر 10/07/2013 - 07:07:26 am

(كل من يتهجم ويقوم بتجريح الآخرين ويتحدث بالنعرات القبلية، لا يمثلني ولا يتحدث باسمي. فقط ما أنشره باسمي يمثلني)

قبل أكثر من عامين، دعونا لإحدى جلسات المجلس المحلي، مديري موقعي "سبيل" و"مرمر" المحترمين، وطلبنا منهما عدم نشر تعقيبات على ما ينشر من أنباء وخواطر وتعليقات لها علاقة بالعمل البلدي، أو أية تعليقات مسيئة، لأن هذه التعليقات تدهورت إلى تجريح بأعضاء مجلس محلي ومرشحين محتملين للرئاسة ومهاترات وتهجمات خطيرة بين المعلقين، كتب فيها بعضهم كلاما عائليا وطائفيا وفي بعض الحالات تشهيرا بأشخاص ومجموعات، مما قد يوقعه تحت طائلة القانون.

ووقف جميع أعضاء المجلس المحلي موقفا موحدا بهذا الخصوص، على الرغم من تصريحات لاحقة من واحد أو اثنين تقول غير ذلك. وعلى أية حال، احترمنا موقف مديري الموقعين بالسماح بنشر الردود والتعليقات، بما فيها التعليقات غير الموقعة أو الموقعة تحت أسماء مستعارة، علما بأن المجلس المحلي ليس صاحب صلاحية بمنع نشر الردود. وهكذا استمرت الأمور، مع كل المظاهر السلبية لمثل التعليقات المسيئة, ولكن انتبهنا، خصوصا في الآونة الأخيرة، إلى أن غالبية الردود والتعليقات، سواء تلك الموقعة بأسماء صريحة أو بأسماء مستعارة، تتسم بالتأييد المطلق لهذا المرشح أو ذاك والهجوم على والتجريح بمرشحين آخرين أو بمن يكتب مقالا أو شبه مقال أو خاطرة. وباستثناء بعض التعليقات التي تتسم بالموضوعية وتناقش الموضوع برصانة، نرى أن سائر التعليقات تتسم بالمهاترة والتهويج وحتى التحريض في بعض الأحيان، وقسم منها مصطنع، بمعنى أن صاحبها يدعي أنه ينتمي إلى عائلة ما أو كتلة ما أو حي ما أو طائفة ما، فيما هو ينتمي إلى أطر غيرها، بهدف التضليل ودق الأسافين. ويقوم البعض بتعداد كم معلقا أيد وكم معلقا هاجم، وما إلى ذلك من إحصائيات لا تدل على شيء.

وعلى الرغم من رغبة مديري موقعي "مرمر" و"سبيل" في الحفاظ على نقاش متحضر، بدون تجريح، فإن التعليقات التي نشهدها، ما عدا بعض الاستثناءات، ما زالت تتسم بالتحريض والنبرات القبلية والنعرات المسيئة والتجريح والمس بالآخرين.

بناء عليه، طلبت من مديري الموقعين المذكورين عدم نشر تعليقات على ما أنشر، وكان سبقني إلى ذلك الدكتور أسعد عرايدي لدى إعلانه عن عدم ترشيح نفسه. وجاء موقفي، الذي احترمه الأخوان كمال إبراهيم ومحمد عزام وتصرفا نزولا عند رغبتي، ليلقى مواقف متباينة. وهذا أمر متوقع. هاجمني من هاجمني وانتقد من انتقد موقفي، بحجة الديمقراطية وما إليها من تعابير، تثبت (التهجمات والانتقادات) أن أصحابها كما يبدو لا يفهمون ولا يفقهون التعابير التي يستخدمون، ويخلطون بين الديمقراطية وحرية التعبير وحرية التكفير وحرية التعكير وحرية الإساءة إلى الآخرين. فالديمقراطية أوسع من حرية التعبير، ومعناها في الأساس "حكم الشعب". وقد تطور المفهوم على مر التاريخ، منذ أثينا القديمة، إلى الديمقراطيات الحديثة على ما فيها من أشكال وتنوعات وتطور وانتكاسات. ومن أبرز مركباتها انتخاب ممثلين عن الشعب للسلطة التشريعية (وفي بعضها يتم انتخاب السلطة التنفيذية أيضا أو جزء منها) وإقامة السلطة  التنفيذية، بحيث من المفروض أن تقوم السلطة التشريعية بالتشريع ومراقبة عمل السلطة التنفيذية، إلى جانب السلطة القضائية على أشكالها، بدور ثالث منفصل نظريا على الأقل، والحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات وما إليها من مبادئ معمول بها في مثل هذه الأنظمة.

ومن المفروض أن تطلق الحريات، ومنها حرية التعبير، لتمكين الناس من بلورة أفكارهم والتأثير، لضمان إيصال كلمة الشعب وترجمتها بتمثيل موقفه في السلطة وأيضا باعتبار الحريات حقوق طبيعية. وهنالك نقاشات جوهرية حول ماهية الديمقراطيات، وهل هي ضمان للحريات ومنها حرية التعبير، ومن هو القادر على بلورة وتشكيل الرأي العام وهل السلطة قادرة على التسلط على وسائل الإعلام (مما ينسف مبدأ حرية التعبير أو يضيقه)، وهل نظام ديمقراطي يستطيع مصادرة حرية التعبير وغيرها، بتشريع قانون بأكثرية عادية أو خاصة. كلها أسئلة مركبة، وهنالك غيرها، يجدر بمن يتحدث عن الديمقراطية أن يتعب كثيرا قبل استخدام هذا المصطلح وغيره من المصطلحات.

  على أية حال، نعود إلى مفهوم حرية التعبير، لنؤكد أنه في أكثر الدول ديمقراطية وليبرالية (وهنا مصطلح آخر هام)، هنالك حدود لحرية التعبير. في إسرائيل، على سبيل المثال، هنالك سلسلة من القوانين التي تحد من حرية التعبير، ومنها قانون منع التشهير وقانون الحفاظ على الخصوصيات وقوانين لها علاقة بأمن الدولة والدفاع عن الصغار وما إلى ذلك. لكن، قبل وبعد القوانين، لنا تقاليدنا وتراثنا وقيمنا، ولا يجوز الدوس عليها باسم حرية التعبير بدون أن نعرف حدوده وموقعه في النظام الديمقراطي وأسسه.

ولنعد إلى حالتنا في المغار. نحن ننسى أحيانا أننا أبناء بلد واحد، وينجر بعضنا  خصوصا في فترات المنافسة الانتخابية وحمى التحيزات غير العقلانية أو المصلحية، إلى وسائل أبعد ما تكون عن حرية التعبير والقيم والقانون. فالذي يوزع الوعود الشخصية، في السر، بوظائف ومصالح شخصية، إنما يمارس الرشوة والفساد والكذب أيضا- الكذب، لأن من يعد واحدا يستطيع أن يعد ألفا في الغرف المغلقة. ومن يشتم الآخرين ويرفضهم بجرة قلم، ويدافع عن مرشحه بشكل مطلق بدون تحليل أو أدلة أو حقائق أو نقاش، أنما يمارس الردح والمهاترة والتجريح، وليس حرية التعبير. ومن يتحدث بنبرات ونعرات عائلية او حاراتية أو طائفية أو غيرها من المفاهيم القبلية، فإنما يمارس حرية التعكير والتحريض والتشهير وإثارة الفتن، وليس حرية التعبير.

في ضوء ما تقدم، أدعو كل من يؤيدني والجمهور عموما بالتوقف عن التهجمات على الآخرين والتوقف عن الحديث بتعابير يشتم منها التعصب العائلي أو أي  ضرب من ضروب التعصب. شخصيا، طلبت وأطلب عدم التعليق على ما أنشر. وبالمقابل سوف يسعدني النقاش مع أي كان، حول أي موضوع يخصنا، شرط أن يكون النقاش حضاريا ومبنيا على الحقائق والأدلة والقرائن والبينات والبرامج الواقعية والتحليل الرصين والاحترام لرأي الآخر، وأن يستند إلى رؤية الواقع من جهة والفكر من جهة ثانية، ونقاط الالتقاء بين النظري والعملي. وها هي وسائل الإعلام، وعلى رأسها موقعا "سبيل" و"مرمر"، ترحب بنقاشات من هذا القبيل.
ولمنع أي التباس، أؤكد أن كل من ينشر تهجمات على أي من المرشحين، فهو لا يمثلني ولا يتحدث باسمي. آن الأوان أن نحترم الجميع، وعلى رأسهم الخصوم، لأن جميعهم أولا وأخيرا أخوة وأبناء بيت واحد.

في هذا السياق، أعود وأدعو إلى النقاش الموضوعي أيضا عبر صفحة الفيسبوك خاصتي وعنوانها: "فريد قاسم غانم". فأهلا بالجميع أصدقاء حقيقيين وعلى هذه الصفحة، للنقاش الحضاري والتعبير الرصين والاحترام المتبادل.

ملاحظة : بطلب من صاحب المقال ، رئيس المجلس المحامي فريد غانم سيمتنع الموقع عن نشر التعليقات إيجابية كانت أو سلبية        

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1853