ما هو العمل لوجه الله ..؟

بقلم : كميل فياض,
تاريخ النشر 21/03/2013 - 10:34:52 am

قد يبدو لأول وهلة ان خوض موضوع من هذا النوع اليوم ،من قبيل التردي الى عصور نشوء المذاهب الدينية وما بعدها بقليل .. لكن وجود آلاف المعابد في العالم ، من كُنُس وكنائس ومساجد وجوامع وخلوات وأديرة وسواها لدى مختلف الطوائف والشعوب ،يؤمها الآلاف والملايين من الناس يوميا للعبادة . وما دام هناك مدارس وكليات دينية لدى مختلف المذاهب والاديان ،تخرِّج الافواج من الخطباء والفقهاء واللاهوتيين والربابنة والعلماء والوسطاء الروحيين الخ .. بل وما دام هناك صراعات وحروب تشتعل وتدار على خلفيات عقائدية دينية ، فان عنوان هذا الحديث هنا يجد وجاهته وحاجته ومعناه ومنطقه .
 مع كل ذلك اطرح السؤال على نفسي قبل اي تداول مع الغير ،وانطلق في الحديث من الكشف عن حقائق الموضوع في اطار تجربة ، لا أزال اعيشها بحلوها ومرها ،بصوابها وخطئها ،بضلالها وهداها منذ عقود ،وذلك ان في يقيني لا يمكن الحصول على الغاية الدينية بمجرد التدين والايمان وممارسة الطقوس والعبادات والواجبات . وان غاية التدين لا تنفصل عن غاية الوجود ،وهذه ليست قمة في جغرافيا الزمان والمكان نصعد اليها كما نصعد للافرست في الهمالايا مثلا ..ولا هي سر قابع في الغيب المافوق طبيعي كما بالحرف الاعتقادي . بل هي كشف وتحقق باطني جدلي صراعي تجاوزي تقدمي ، داخل نطاق الوعي خلال الحياة الواقعية اليومية .
وما سعيي للكشف عن تناقضات السائد الديني في مجتمعي عموما بكل مذاهبه ،الا سعيا للتخلص من تناقضاتي كجزء من هذا الواقع الذي اتحمل انعكاساته واسقاطاته ولا احملها .
ولا أسعى هنا لخلق او تكوين "مثال – قدوة – او نموذج" ديني جديد أسوة للجميع ،فهو أمر غير واقعي وغير صحي – لو أمكن – لأن ما يأت به الفكر والحواس يظل زمني ،قابل للتقادم والروتين والفساد ،مهمى حاولنا صيانته وتقديسه وغسله بالصلاة وبالطيب والعطور والماء ،او بالحليب كما يفعل بعض الهندوس لأصنامهم .. ونحن نشاهد ونشعر بجفاف وتلاف النشاط الدوري الروتيني لاتباع الديانات المختلفة ،وبخلوه من الروح من كثرة التكرار والاجترار .
فالغاية من جوهر هذا الطرح إبراز "مفاتيح " رمزية موصلة – إذا ما التقطت كما يجب – الى مفتاح رئيس ( ماستر) داخل كل منا لفض جميع الاقفال والقيود العقائدية عن طريقه ، ألا هو البحث فينا حتى الكشف والتحقق .
ولا أتحدى أحد بهذا الطرح ، وبصرف النظر عن موافقة البعض أو مخالفتهم لي فإني أعيش الحياة كاختبار ووعي وتحقق ،ولا أعيشها كاعتقاد ،أو كحجة نظرية ، والتكن النتائج ما تكن . فالحديث عن التدين هنا حلقة من بحث عرفاني عن حقائق وجودنا ،غير متقيد أو راجع لمذهب معين ،بل يتضمن نقدا للسائد من مفاهيم ونزعات ضيقة تعتور أتباع مختلف المذاهب والاديان ، تتعارض والنغمة المسموعة والمفهومة منها .. كمسائل وقضايا وأفكار مثل : العدل ،المساواة، الاخوّة،العمل لوجه الله .. الخ . فهي وان حملت دلالات مجردة ومطلقة تشمل الكل ،إلا انها في الواقع نجدها تقصد أتباع المذهب الخاص ولا تبغي الآخرين ،فالعدل والمساواة والاخوة تخص في جوهرها ومعظمها "أبناء مذهبي" أو مسلكي أو مدرستي أو حارتي أو جماعتي ،ضمن المذهب الخاص .. والامر يشتد تناقضا عندما يكون الحديث مرتبطا ومتعلقا بالعمل " لوجه الله " والعمل لوجه الله هو العمل الذي لا يُرتجى منه نفعا خاصا يعود الى صاحب العمل . وقد يصح في هذا المقام لدى جميع أبناء المذاهب المختلفة . لكن المشكلة تظهر عندما أقصر قصد عملي تحت صفة  (وجه الله) على ابناء تفسيري وقناعتي الدينية الخاصة ،دون ان تنسحب على الكلي في الكل ،حتى وان لم تصب – كعمل ملموس – سوى شخص بعينه ، إذ المهم هنا هو النية وليس العمل نفسه ،لأن العمل بطبيعته قاصر جزئي ويظل رمزي مهما كان ملموسا ،قياسا وحاجة الانسان لمطلق الخير .عليه فان إطعام حيوان جائع او إسقاءه او انقاذه بدافع الخير المجرد والعطف المنزه ،خير من إقامة الولائم والعزومات لمصلحة مشوبة بالرياء .. وفي كل الاحوال فان القصد الجزئي الموجه لجماعة خاصة مسبقا في النوايا، لا يصل الله ،لأن الله لا يتبع مذهبي او ديني او جماعتي ،فهو ليس يهوديا او مسيحيا او مسلما او هندوسيا ، او ما تشاء من مذاهب .. الا اذا كان كل من ابناء المذاهب والفرق المختلفة ، قد أسكن الله بيته وألبسه ثيابه وصفاته ، وغذاه وسقاه من طعامه وشرابه وعوده عاداته ووجهه وجهته ،وربما ايضا جعله حليفه في الحزب السياسي الذي ينتمي اليه او يؤيده .. أقول : لا يمكن ان نعمل لوجه الله الا اذا تخلينا جميعا عن معتقداتنا كما هي سائدة ، لأنها لا تمثل الله ،بل تمثل صفاتنا ونزعاتنا وأفهامنا واطماعنا ومخاوفنا وقناعاتنا ،وهي لا تمت الى الله بصلة لأنه منزه عنها جميعا ، فمن يريد عبادة الله والاتصال به عليه ان يسعى للتحرر والتطهر من كل تلك الاحقاد والظلمات ،التي رفعها كل منا الى مستوى الاستقطاب الخاص ،فأصبح هو قطب الرحى الذي يدور الجميع حوله او تحته .. ليس فقط كمعتقد ونظام عقدي ، بل تعدى ذلك لدى معظم المذاهب الى استقطاب مصلحي  سياسي فئوي  يقوم على الصراع والغزو والتعدي والطغيان .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.حقانيهلا منوّر يا صديقي. مثير للانتباه أن العمل لوجه الله (والقصد منه بالمفهوم العام أنه لكسب الحسنة وبدون مقابل كمساعدة المحتاج مثلا)هو عبارة عن عمل مثل كل عمل ولكن باللغة العبريّة نقول עבודה وجذرها עבד / عَبَدَ ! والكلمة نفسها جذر العبادة التي هي العمل لوجه الله (رغم أنه يوجد مقابل - دخول الحنّة!!!) فهل كل عمل (عبري !!!) هو عبادة. كميل تيجي نتديّن بلكي الله يغفرلنا.21/03/2013 - 02:01:00 pm
2.HGFDظلماني انت حقا حمقاني كالاخرس يريد توضيح البلاغة للبلاغة وكالاعمى يريد اضاءة الطريق للشمس22/03/2013 - 12:36:12 pm
3.حقانيההההה .... עכשיו אנו שווים כל אחד מסתתר תחת שם בדוי. הפתיל הקצר שלך כבר מלמד על טיפשותך ואי הנכונות שלך ללמוד מאחרים. רגע רגע, האם רשמת פטנט הטפה? האם "ظلماني انت حقا حمقاني كالاخرس" היא התשובה שלך על הפתיח שלי هلا منوّر يا صديقي !! האם זו האתיקה שעליה גידלו אותך? בכל אופן أسأله تعالى أن يسامحك .23/03/2013 - 02:26:50 pm
4.وليد من عرين جبل الريانالى سيد حقني ارجو منك تعرف كيف تعلق على المقلات ارجو منك ان تعمل دورة تعليم الرد على المقلات لا انو ردك مش بمحلو على هذا المقال قلي انت كيف بتقرا المقلات24/03/2013 - 01:43:49 am

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1815