العقرب - بقلم : ابراهيم مالك - كفر ياسيف

تاريخ النشر 26/6/2009 15:41

                                                                 العقرب - بقلم : ابراهيم مالك - كفر ياسيف

 
ذًهِلَ علي النّيص مما رأى .
رأى عَقرَبا ًأصفرَ البشرَةِ وقد اختارَ مَطرَحا ً مُريحا ًعلى غِطاءِ سريره الخشبي . وكان اقتحم الغرفة َعلى حين ِغفلة ٍمِنْهَُ .
 
وما إنْ رَآهُ ، حتى صاحَ مَرِعوبا ً:
 
وَيلي ..
هذا سًمّهُ قاتل !
 
وعلى حين ِفجأة ً،
تذكَّرَ أمَهُ التي ارتحلتْ مِنْ زَمَن ٍ،وكان َمِنْ عادَتِها سَرْدُ الحِكم ِوالأمْثال ِكيْ يَتََّعِظ َ َويِتَعلمَ ، فكانت تُرَدًّدُ على مَسامِعِهِ :
 
يا ولدي ،
مُحيطنا باتَ غابَة ،
أخافُ عليك ذِئابها وعَقلك لمّا يَبلغ ِالرشْد!
أخاف عليكَ عقارِبَها ولمّا تكتسبْ خِبرَة َحياة وفنونَ الدِّفاع ِ الرَّشيد ِعَن ِالنفس ِ،
حينَ تُسام وحين َتُضام .
 
وغالبا ما كانت تقول :
 
يا ولدي ..
مَطْرح ِ الحَيِّة إفرُش وْنام ْ لكنْ مطرَحِ العقرب لا تقرِبْ !
 
مُنَبِّهَة ً ،
لكنْ يا وَلدي لا تعِر ِاللوْنَ الإهْتِمامَ الزائِدَ ، فاللوْنُ ، مُذْ كانتْ خليقة ، لم يكنْ وَكْرَ السُمِّ ولا مَجْلَبَة َ الأذى، فالعقارب سامة سيان كان لونها ، ألسُّمُّ في النيوب ِوفيما تخفيه ٌِمِنْ طمع افتِراس .
 
وكانَ مِنْ عاداتِها ، في تِلكَ الحالات ِ، أنْ تغمِزَني بِعَيْنَيْها ، مُضيفة ً:
 
يا وْليدي ،
يا أغلى مِنْ كْبيدي ،
لا تأخُذُكَ بي الظنون بعيدا ، فتحسبني أعْني الكثيرَ مِنْ ناس ِهذا العالم !
 
تذكَّرَ علي النّيص أمَهُ ، وكان يرقب ، بحذر، تحرك العقرب على غِطاءِ سَريرِهِ. وَقدْ راحَ يتمدَّدُ عليه ، غربا وشرقا ً، شمالا ًوجنوبا ً.
 
حدّثَ نفسه الراحت في خوْف ٍمُخيف :
 
سَمْعا ً يا أمي
( نَسِيَ عَمْدا ًكلمة طاعة ً،لأنه كانَ يَلعَنُ الطاعَة َ في سِرِّه وفي جَهْرِهِ ) ،
لن أقترِبَ مِنهُ ، ولكن ماذا تراني فاعِلٌ ؟
قالَ هامِسا ً، وكان لا يزال ُيَرْقُبُ العقرَب َ .
 
أدرَكَ أنهُ يُعاني عَجْزا ًجَسَدِيّا مُزمِنا ، جَعَلهُ لا يقدر على الحركة إلاّ بعَوْن ِكُرْسِيٍّ مُتحَرِّك ، لكنَّهُ لم يَسْتسْلِمْ لِعَجْزِهِ ، تلك اللحظة ، وكأنَّ الخوف بعثَ حياة ًفي عروقه ِ.
 
صاحَ بأعلى صوته :
خسِىءَ العَجْز ،
هذا أعزُّمَكان ٍبقِيَ لي ،
هذا سريري الأنامُ عليه ،
وهذِهِ غرْفتي الوحيدة الأنامُ ،
آكل وأشرَبُ فيها ولي فيها مَآربُ أخرى .
وقدْ أسَرَّتْ أمّي لي أنّي قي هذه الحُجْرَة وُلِدْتُ .
 
سألَ نفسَهُ الخائِفة َ :
وَهَلْ يُعْقل أن يُفرِّطَ المَرْءً في مطرح وُلِدَ فيه ؟
 
ُلاحَظ َعِنْدَها مُكْنِسَة في قرنَة ٍمِنَ الحُجْرَة ِ، دفع كرسِيّهُ المُتحَرِّكَ صوبها ،مُحاوِلا ً عَدَمَ إثارة ِضجيج ، تناوَلَها بيده واندفع يَضرِب بالمُكنِسَة طرف الغطاء ، فاندفع العقرب مُولِّيَا ًالأدْبار باحثا عن مَخرَج لِترْكِ الغرفة .
 
راقبَه علي النَيص وهو يرحل بعيدا ، ليعودَ إلى كوْمَة ِالحِجارة ، حيثُ اعتادَ أنْ يجدَ ملاذه .
 
غمره فرح كبير،
نسِيَ لِلَحْظة ٍعَجْزَهُ الجسدي ،
شعَر أنَّ دَما ً يتحرَّكََ في عُروقِهِ ،
 كانَ فرحُهُ غامِرا ً،
فلم تلدغه العقرب السامة ولم يضطر لقتلها بعصا المكنِسَة .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.ط·آ¸أ¢â‚¬ع‘ط·آ·ط¢آ§ط·آ·ط¢آ±ط·آ¸أ¢â‚¬آ°ط·آ·ط·إ’ط¸â€ڑط·آµط·آ© ط·آ¬ط¸â€¦ط¸ظ¹ط¸â€‍ط·آ© ط¸ث†ط·آ§ط¸â€ڑط·آ¹ط¸ظ¹ط·آ© ط¸ث†ط·آ§ط¸â€ ط·آ³ط·آ§ط¸â€ ط¸ظ¹ط·آ© ط·آ¬ط·آ¯ط·آ§ . 26/6/2009 18:08

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1785