خُذِ الدَّمعَةَ..خُذْها....!!

شعر : حسين مهنا - البقيعة,
تاريخ النشر 11/06/2012 - 12:47:53 am

لم يَأتِ غائبُنا كما وَعَدّتْ تَباشيرُ الصَّباحِ
وظَلَّ أهلي يرقُبونَ الدَّرْبَ
يَرْنو بَعْضُهُمْ صَوبَ الجَنوبِ
وبَعْضُهُمْ صَوبَ الشَّمالِ
يَشُدُّهُمْ خيطٌ مِنَ الأَمَلِ الشَّفيفِ
لِعَودَةٍ
هيَ أجْمَلُ الأَحلامِ يُورِثُها الشُّيوخُ
لِصِبْيَةٍ يَتَقافَزونَ
ويَمْرَحونَ
ويَكْتُبونَ على دَفاتِرِهِمْ
وعِنْدَ مَخارِجِ الطُّرُقاتِ
منْ خِيَمِ الرَّغيفِ المُرِّ:
"إنَّا عائدونْ".
ويَمُرُّ أعداءُ الطُّفولَةِ،
يَقْرَأُونَ ويَضحَكونَ
ويَقرَأُونَ ويَعْبِسونْ.
فَلْيَعْبِسوا
إنّا على وَعْدِ الصَّباحِ بِأنَّ غائبَنا يَعودُ،
لِيَمْسَحَ الوَجَعَ المُقيمَ
ويَكْنِسَ السّاحاتِ
والطُّرُقاتِ،
مِمّا قد تَكَدَّسَ من رَطانَةِ عابِرينَ...
وعابِرينَ وفاتِحينْ.
إنّا تَعِبْنا من لُغاتِ الفاتِحينَ
فَكُلُّ مُحْتَلٍّ لهُ لُغَةٌ
فَكَمْ لُغَةً سَنُتْقِنُ كي نُتَرْجِمَ
كُلَّ جُرْحٍ من جِراحِكَ
أيُّها الوَطَنُ المُعَلَّقُ
قَبْلَ آلامِ المَسيحِ،على الصَّليبِ،
سَاَلْتُ:كَمْ طُنَّاً مِنَ الصّابونِ،
من صابونِنا البَلَديِّ،نَصْنَعُ
كي نُزيلَ قَذارَةَ المُحْتَلِّ.....
لا أدْري!
وأدْري أنَّ لي أهْلاً يُحِبّونَ الحَياةَ
ولَمْ يزالُوا يَنْقُشونَ على سَواعِدِهم
وُشومَاً عن فِلَسطينَ القَديمَةِ
والحَديثَةِ،
يَزْرَعونَ الأرضَ زَيتونَاً وتينَاً
يَمْلَأُونَ بيوتَهم عَدَساً وقَمْحاً
يَحفَظونَ العَهدَ
فالجُدْرانُ تَحْمِلُ صورَةَ الأجدادِ
والأحْفادِ
ميراثَاً يُوَرِّثُهُ الكَبيرُ الى الصًّغيرِ...
ويَفتَحونَ بُيوتَهُمْ
يَسْتَقْبِلونَ الضَّيفَ بالوَجْهِ البَشوشِ
ويَفْرُشونَ لهُ الوَسائدَ كي يكونَ مُكَرَّماً
فَإذا أُعِدَّ لهُ الفُطُورُ
يكونُ أشْهى ما تُخَزِّنُهُ المُضيفَةُ
لِلأَوانِ الصَّعْبِ،
من جُبْنٍ ومن عَسَلٍ وباذِنْجانَ مكْبوسٍ
وحُلْوِ سَفَرْجَلٍ..
أمّا العَشاءُ فَفَرْخَةٌ مَحْشُوّةٌ بالجَوزِ
واللّوزِ المُحَمَّصِ والأرُزِّ...
كَذا نُكَرِّمُ ضَيفَنا
ونُكَرِّمُ الوَطَنَ الجَميلَ بِما تَوارَثَهُ الجُدودُ
عنِ الجُدودِ الى الحَفيدِ الى الحَفيدِ
الى الحَفيدِ....
يَكْفي الثَّكالى ما ذَرَفْنَ مِنَ الدُّموعِ
فَقَدْ سَئِمْنا زَفَّةَ الشُّهَداءِ بِالوَرْدِ المُدَمّى
والنَّشيدِ
فَتَعالَ يا صُبْحَاً تَجَمَّلَ بِالوُعودِ
واقْرَأْ على الدُّنيا ملاحِمَ صَبْرِنا
واقْرَأْ نَشيدي...
هذا النَّشيدُ كَتَبْتُهُ بِوريدي     وجَعَلْتُ حُزْني مَوْقِداً لِقَصيدي
أنا لَسْتُ راوِيَةً أقُصُّ حِكايَةً     لكِنَّني بَرْقٌ أُعِدُّ رُعودي
لا يُخْدَعَنَّ مُغامِرٌ بِهَزائِمي     وأنا الأمينُ لِثورَتي وَرَصيدي
إنّي أرى أحلامَ قومي أنْجُماً     تَمْشي على قَدَمٍ تَخُطُّ حُدودي
وأرى بَيارِقَ تَسْتَعيدُ سَماءَها     وأرى الوُجودَ مُتَوَّجاً بِوُجودي
طالَ انتِظاري واحتَرَقْتُ ظَماءَةً     والآنَ آنَ تَجَمُّعي وَوُرودي

                                                 البقيعة/الجليل
e-mail: [email protected] 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.كمال ابراهيمسلمت أناملك أيها الشاعر الكبير . انك بهذه القصيدة تؤرخ جانبا صادقا وواقعيا من تراث شعب فلسطين , فقد رسمت بالحروف والكلمات جراح هذا الوطن وكتبت عن الأطباق والمأكولات المميزة لهذا الشعب الأصيل , فكم جميلا قلمك وكم غزيرا حبرك في نقل الصور التي تعبر عن آلامنا وعن حياتنا في الماضي والحاضر . دمت لنا ذخرا أيها الشاعر المعطاء .11/06/2012 - 02:30:53 am
2.الناقد : نور عامرأرسطو يرد علّة الجمال في الفن الى الشكل وإلى الكيفية التي تتناغم بها الأجزاء في كل موحد ينطوي على لذة التناسب . لعل هذا التناسب في قصيدة حسين مهنا هو جزء من جماليتها . نعرف ان النثر مطلق غير محصور ، لكن الشعر قد يضيق بصاحبه ، لا سيما حين يواجه الشاعر المعاصر المعنى العام المتصف بالأولية والثبات ، فيحتار كيف يلّون المعنى العام بألفاظ جديدة مبتكرة تحدث الصدمة ، او لنقل المباغتة التي أشار عبد القاهر الجرجاني الى أثرها النفسي . انها محنة الشاعر المحدث التي حاول التصدي لها ابن طباطبا ، وحاول إخراج الشاعر المحدث من مأزقه هذا . لا شك ان حسين مهنا قد أولَ قصيدته اهتماما بالغا ، لكن هل حقق - بألفاظه - المباغتة في حلم العودة ؟ ! نعلم ان للشعر معايير أخلاقية ، كاعتدال الوزن ، وصواب المعنى ، وحسن الألفاظ . وهذا جلي في قصيدة مهنا ، لكن بعض المعاني لا تعدو كونها مظهريا ! أمّا الاداء للنص فينم عن انفعال الشاعر ، وهذا حسن ، بيد ان انفعال القارئ لم يكن بالقدر الكافي ، لسبب لا أعرفه ! وعن الفكرة ، لقد شبه ديكارت الفكرة بسلسلة . لكن حلقات السلسلة عند بعض الشعراء تكون متطابقة ، بمعنى ان الشاعر يكرر الكلمات والجمل ، وهذا ما يمكن ان نطلق عليه جعجعة كلام . في حين ان هذه السلسلة عند حسين مهنا تختلف جميعها ، بعضها عن بعض ، عناصر الفكرة ، وعناصر الكلام الذي يعبّر عنها . يفترض في العملية الشعرية ، اللذة الحسية - الإيقاع ، واللذة العقلية - المعنى . أظنكم لمستم ذلك في قصيدة شاعرنا المبدع .11/06/2012 - 09:22:40 pm
3.كميلصحيح قصيدة تفتح النفس ،ليس فقط بسبب ذكر بعض المأكولات الشهية طبعًا،كما لاحظ الصديق كمال ابراهيم ،بل بالذات بسبب نفَس الشاعر عليهاالذي نم عن صدق مشاعره أولا ،ثانيا الانسجام والتناغم بين مفرداتها مع تدفق واستمرار المعنى ،وهو - اي الشاعر حسين مهنا - يؤكد هنا حزنه مرة اخرى ،بل كأنه يتمسك به كوقود اثمن وربماأفعل من كل مشتقات البترول العربي في خدمة الفلسطيني .. كما تجلى في نظمه ،الذي فسر به قصيدته العامودية .12/06/2012 - 03:05:08 pm

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1815