يريد شاعرا آخر ونمطا آخر

بقلم : نور عامر,
تاريخ النشر 13/05/2011 - 02:06:06 pm


هي " الشيزوفرينيا " في محيطنا نعيشها يوميا شئنا أم أبينا ! .  جزءان للفرد الواحد ، وهذا غير مريح في مقياس المنطق . هذه المرّة تمرّد عليّ جزئي الآخر ، أخذ يعاندني ويخرج عن طوعي ، إتخذ موقفا من الشعر والشعراء ، إنه يريد شاعرا آخر ونمطا آخر ، لم يعد يهظم المألوف من الشعر ، المعروف قبل أن يقرأ ، يصوّر حدثا ، حلما ، أملا ، غزلا . يريد قصيدة تنقله من ملفات المدرك والملموس الى عالم تتزاحم في بوتقته المسائل والأحاسيس ، الحلول والأشياء ، تلتحم تنفصل تتفكك مرنة منقادة ، يفرطها متى شاء ، ويعيد تشكيلها بلذّة المنتصر ، وبفرح طفولي ، يطمح الى قصيدة تندف عطرا على شكل شماريخ زاهية بوقية  كزنبقة الحقول ، يزعم بأنه لم يعد ينسجم مع نص يعتقل فكره لبضع دقائق ؛ يدخن سيجارة وينام ! . يريد قصيدة تحلق الى ما بعد بعد التخوم ، تنفع الآن وبعد الف عام ، لكل الألوان الناطقة ، والطبيعة المتحوّلة ، يريد قصيدة قيثارة وبخورا يموج ، تتموسق في نسغه ، تترغل في وجدانه ، تتأود برقا وندّا ، بين ملامح الثرى وخفقة الباز في الأثير .

حاولتُ كبح لسانه عن ثرثرة قد تؤخذ على محمل الجد ! . لكنه لم يعبأ وتابع : لا أهتم بتفاصيل القصيدة ، ألفاظها وحواشيها ، أفضل أن تكون كذلك الإحمرار الذي يسبق الشمس قبل طلوعها بقليل .. أبحثُ عن شاعر ينجز اختراعا ، يغيّر مناخا قاتما ، يصنع جزيرة لا تقوضها سمكة السندباد ..

صمت هنيهة واستطرد : لا اريد من الشعر ترياقا مخدرا ، أو موعظة تقلص غبطتي بما حباني الله من أجنحة تتكيّف والأجواء المبهجة ، لا أشتهي في الشعر امرأة نضت ثيابها كفاطمة امرئ القيس ،  ولا اريدها اقحوانة نبتت على ضريح قديس ، كذلك امجّ ملامحها مستهلكة في الخدور ، مستباحة جسدا وروحا في جرار لها طعم النبيذ . مَن لي بشاعر يسْمو بامرأة عن قانون التملك الى أجواء لا حقب مقيدات فيها بأمراس كتان ، ولا دوري ذكي يحدد إقامتها . أفتش عن شاعر لا يقدم للناس سُبْحة وحكايا ، بل يطرح صيدا يعشقونه الى حد التجلي . لا اريد قصيدة تفرض عليّ فرضا ، بل أبحث عنها بأمل ولهفة ، كما يبحث الغواص عن لؤلؤة ، او الضمآن عن حفنة ماء .

ــ لعلك تطلب المستحيل ؟ ! . صراحة بدأت أتضايق من ألفاظك ! .

ــ كلمة أخيرة  وأغرب عن وجهك : أطمح الى نمط قوامه الحكمة والتجربة ، يكون عونا ليّ في أموري المضطربة والمستقرة . حبّذا برائعة إن أقصيتها دنت ، وإن قربتها تفرهدت ونطقت . وتراني أحن الى قصيدة مخضبة بكل ألوان الطيف ، فلا أطلب الإستزادة ، ولا يخامرني شك في لون كان من اللائق أن يرتدي قناعا في هذا المقام .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1808