الرهان على - الموجود -

بقلم : كميل شحادة - الرامة,
تاريخ النشر 26/03/2011 - 02:25:43 pm

ليس من قبيل الشماتة بكل الذين راهنوا على الموجود من أنظمة ديكتاتورية عربية قومية وممانعة وطوارئية ، مقابل ،وأكاد أقول ضد الطرح الوحيد الصحيح التقدمي والواقعي ، وهو طرح الحريات ، الذي هو التقدم بالقيم الأساسية لكل فكر إنساني حقيقي نحو التجسيد العملي السياسي والاجتماعي في الواقع الشعبي العربي ، الذي مثله أصحاب المباديء الفعليين الصادقين من مفكرين ومثقفين لبراليين معتدلين وإنسانيين عرب من كل فئات الشعوب العربية ،فلم يبدلوا ولم يتبدلوا في ذلك خلف مبررات وادعاءات كثيرة ،اتخذها كثيرون للتغطية على مواقفهم ومسالكهم الرجعية النفعية الشخصية ،ممن رفعوا شعارات العلم والتقدم والعروبة والإنسانية وحقوق الإنسان في خطاباتهم ومسرحياتهم البهلوانية ، وقد ازدوج خطاب هؤلاء وازدوجت مسالكهم وأخلاقياتهم ، وقفزوا من موقع إلى موقع في الظاهر وفي الخفاء ،في السر وفي العلن ، على تفاوت بينهم في ذلك، بين الضرورة الفعلية التي تفرضها لقمة العيش والأمن الشخصي ، وبين الانبطاح امام رغبة مريضة لامتلاك العالم ، والظهور فيه بأي ثمن .. أقول : لم يتوقع أحد ،ولا هؤلاء جميعًا طبعًا ، ان يتحول العالم العربي بين ليلة وضحاها إلى ساحة واحدة من المحيط إلى الخليج وبالتتابع ، لهذا الثوران الشعبي العارم ، وقد تجاوزت الجماهير الثائرة في الأوطان العربية بمواقفها ونضالها ووعيها وتضحياتها ، كل الذين ألبسوا أنفسهم عباءات فضفاضة من زعامة ووجاهه وقيادة وريادة وسيادة ، وتركوهم في الخلف منهم ،حيث من أولئك المتخلفين من انخرط في سلك الثائرين صادقا بعد ان تبين الغث من السمين متأخرا ، وبعضهم لا زال يتأرجح في ازدواج مريب فوق الهاوية . لم يتوقع أحد هذا التحول لدى الشعوب العربية من وضع اعتبر حتى لحظة إشعال التونسي ، محمد بالعزيز نفسه بالنار ،كشلل و كموت شامل للأمة العربية  دام عقود ، ربما قرون .. بينما كانت الهبّة الشعبية الكبرى تنضج على نار هادئة جراء احتقان وكبت دام زمن طويل من السكوت على الذل والهوان ، على بطش الأنظمة وسحقها لكرامة الإنسان العربي ، وقد استوت طبخة الغضب والكرامة والقهر ، وفاضت لتكتسح وتخترق كل حواجز الخوف والصمت .. وعلى م تخاف هذه الشعوب ، وهل أكثر من الجوع سببا للثورة ؟ أم هل أشد وطأة من الإذلال الشخصي وكم الأفواه وتقييد الحريات المشروعة ، وإهانة الإنسان ، حتى ينقلب الجور والظلم على فاعليه وفارضيه .. أقول ليس هنا وقت التحليل والتركيب الفكري للشخصية العربية وللتاريخ العربي عموما ، لتقييم ما يحدث على الأرض ،قبل نفاد آخر رصاصة وآخر لكمة من قبل أدوات وبلطجية الأنظمة العربية المستبدة ، تجاه الشعوب الثائرة ، بل لا يجوز الحكم على مستقبل الواقع العربي دون الوقوف على  ما سيعقب  حكم الطغاة العرب ، لا مدة أسبوعين فقط من إخماد الحرائق وانتصار الشعوب ، بل على الأقل سنتين وربما عقدين من الزمان حتى تتبين  جميع عناصر ومركبّات الطبخة الشعبية في هذه الثورة ، بكل مكوناتها وفئاتها وطوائفها وأحزابها وتياراتها وخلفياتها ، التي أعتبرها ثورة مباركة في المبدأ.. من مفارقات وتناقضات هامش الثورة الشعبية العربية ، استياء بعض عرب الداخل مما يحدث في الساحات العربية اليوم من هبات شعبية ضد حكامهم الطغاة ، بينما هم ينعمون بالديمقراطية الإسارائيلية ،وبحرية الترشح والترشيح السياسي ،منذ قيام دولة إسرائيل. في الوقت نفسه لا ينفكون يتشدقون بنقد الموات العربي والديكتاتوريات العربية ، بصورة ساخرة ، وكأنهم من صلب آدم سميث ،أو من أتباع قادة الثورة الفرنسية ، في حين تنخر عظامهم كل أشكال العصبيات والأنانيات المختلفة ، شخصية وعائلية وطائفية . والآن على من اتخذ من المقاومة ومن الممانعة ومن فلسطين ومن أحكام الطواريء، مواقفه وحججه ومبرراته  وشعاراته وعناوينه ، أن يختار : بين تأييد الأنظمة القمعية التي ترتدي تلك "الخيارات " وبين الانحياز للشعوب العربية  ،كموقف تقدمي وحق فعلا ً ، ليس فقط في تونس وفي مصر واليمن والأردن والبحرين وسواهم ،بل أيضا وبالذات في سوريا بشار ولبنان حسن نصرلله  . وإلا نحن في زمن كشف سياسي واقعي  شامل أيها الإخوة ، وفي زمن صراع المعادلات والصيغ والتوجهات المنفتحة العامة، ضد الضيقة الخاصة ، وان أي تحرير من أي جنس ولون ودين كان ، يبدأ من تحرير الفرد وتحرير كرامته أولا ً .. 
 

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.ראפעכל הכבוד כמיל26/03/2011 - 03:58:05 pm

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1809