سيمون عيلوطي الشاعر الملهم - بقلم نور عامر

تاريخ النشر 23/4/2010 18:53

من أين نبدأ مع سيمون عيلوطي ، وكل أشعاره العامية رشيقة معتقة كبنت الحان .  لذلك لا غرابة أن تستحوذ علينا لذة تتداخل فيها عناصر الحس والذهن حين نقرأ :

" انْتي المَرا اللي بْشوفها / بكل الصّور / بْهبّ الهوا يقطر الندى  / يْموج البحر / انْتي الصبح وشروقو / حبّات المطر / لمْنعْنفه هيك بْهداوي / عالشجر / انتي اللي جوا القلب / وَرْدات القمر / قنديل مَحبّي ضاوْيي / ليل السّهر " .

انه يمنح المرأة قيمة معنوية ، خصبا وبعدا ، عبر قالب جميل من الألفاظ المعبرة عن الفكرة ، إذ ليست الفكرة هي المقياس ، إنما التعبير عنها ؛ والتعبير الأفضل والأكثر ثراء هو ما يتقن عملية كيمياء الشعر المتمثلة باللفظة والموسيقى والعاطفة والحدث والخيال . وهذا جلّي عند سيمون ، كما في هذين المقطعين من قصيدته الموسومة تطاير الدّروب :

" بوّابة الأحلام فِ وجّو سَكّرَت /  وتطايرت من دون دَعْساتو الدّروب / عم يركّضوا عَ الشمس  / يمكن أشرقت ؟ !! / يا شقشقت في وَعد أنّات القلوب " . 
المقطع الثاني :

" فِ فُنونو هآلأشعار ياما يْصدحو / وْينسو أسى وَيلات / ما إلها حدود / عاطريق الألم ياما تْجرّحو / حَفْر قَنا دمْعاتْهن فوق الخدود / رَغْم السّحق .. /  قِِِِِِِِدْرو معانا يفرحو / بْوجه العواصف صارو وَردات الورود / حِصَارو تَزْيف العواصم / يْفضحو / تْحِلّ العداله عَ الأرض / كِذْب وْوعود / وتطايرت من دون دعساتو الدّروب " .

نلحظ ان العاطفة تمتزج بالعنصر الأخلاقي والفكري ، تتمخض  عن موقف وطني وإنساني تجاه قضية أو أزمة ، وتحديدا أزمة القائد عرفات عندما حوصر . والعاطفة عند سيمون  تختلف باختلاف الظرف والحدث ، فتارة تتولّد بفعل الواقع المؤلم كما في حصار عرفات ، وطورا هي نزوع فطري أكثر من ميل ورغبة ، كما سنرى في هذه الطفرة من قصيدة خمرة معتقة :

" يا رايحه بمنديل أويا مبشنقة / لا تبعدي روحي معاكي معلقه /  بتتذكري لما التقينا عَ الندى / بكرم الهوى قديش طال الملتقى / مشينا سوا وما كان شايفنا حدا / غير الشجر والطير بَلش زقزقه / لما لقانا نموج مثلو عا هدى " .

يستمرئ الشاعر عبق الزمان والمكان ، يستعير من الطبيعة حركتها وصوتها . وهو مولع بالمفردات المميزة يضعها بدقة في  أماكنها الصحيحة ، لم أجد في العربية مفردة أكثر جمالا وأفضل ملاءمة في موقعها من كلمة " نموج " المقطع الأخير من خمرة معتقة . لا أعرف إن كانت هذه المفردة وغيرها من المفردات المتألقة تأتيه طيعة مشرقة كعشيقة ابن زيدون ، أو يجد الطلب خلفها كالأمير " هان " في الأسطورة الصينية . بيد أن الموسيقى لها وقع أكثر جاذبية بانسجامها ونعومتها المغذية بمخيلة شاعرنا الملهم :

" شايف جَفْرا / رَغم البعد ، الغيم ، الصحرا / تِمْسك ناي وغِنْوَه وْزهره / تِحْمِلْ جَرّه / تِسْقي ناري الظهر الحمرا / شايف جَفْرا / عْيون السّودا / خْدود البيضا / وْقَمْطَا الخَضْرا / ترجَعْ مِنْ هالغّربه / الحَسْره / تصبْ القَهْوه الحلوه .. المُرَّه / تغَنّي جَفْرا " . 
" جفرا " في الأساس هي أغنية فلسطينية كانت تصدح فرحا وبهجة يوم أن كانت فلسطين في عزها . والآن جفرا بزيها المتطور الجديد هي في وجدان الشاعر أمنية تنداح الى الشتات ، ومن ثمة ترتد مفعمة بأمل العودة وانتهاء الإغتراب .

إن ما يميّز اشعار سيمون عيلوطي بالمجمل ، أنها متحررة من حالات التكلف والمبالغة ، خاضعة لمعايير وشروط الشعر العامي ، والتي منها السلاسة وجمال الصورة ، عدم الإبتذال وعدم فصحنة اللغة . وهذا يحفزنا لقراءة هذه النماذج بغبطة ، رافعين تحية كبيرة الى هذا الشاعر المبدع والأصيل .

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.سعيد وديع الفرسؤال....هل سيمون عيلوطي هو شاعر الاذاعة الاسرائيلية القديم ام هو شخص اخر. مجرد سؤال وشكراز6/2/2011 18:13

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1808