يا مُحَمَّد.! بقلم حسين مهنا

موقع سبيل,
تاريخ النشر 2021/07/31 13:25:07

لَنْ أَبْكيكَ يا رَفيقي !  لَنْ أَبْكيكَ يا مُحَمَّد.. فَالبُكاءُ لِلضُّعَفاءِ.. وأَنْتَ لا تُحِبُّ الضُّعَفاءَ.. ليسَ لِأَنَّكَ مِنْ طينَةٍ غيرِ طينَةِ البَشَرِ، بَلْ لِأَنَّكَ بِروحِكَ الثّائِرَةِ قَدِ اخْتَرْتَ الدَّرْبَ الصَّعْبَ في عالَمٍ ثَلاثَةُ أَرْباعِهِ قَهْقَهاتُ مُتْرَفين.. ورُبْعُهُ زَفَراتُ كادِحين.  وَلَكِنْ لا بَأْسَ إِنْ سَقَطَتْ دَمْعَةٌ مِنْ عَيني خِفْيَةً عَنْكَ.. فالرِّجالُ يَبْكونَ الرِّجالَ، وقَدْ يَكونُ بُكاؤُهُمْ أَشَدَّ إِيلامًا مِنْ بُكاءِ الأَطْفال.  

       لَقَدْ أَحَبَّكَ النّاسُ بِقَدْرِ حُبِّكَ لَهُمْ، فَكَرَّموكَ مُقيمًا بَينَهُمْ، وكَرَّموكَ راحِلًا عَنْهُمْ؛ وَقَدْ أَحْبَبْتَ الجَليلَ، فَبادَلَكَ حُبًّا بِحُبٍّ وَأَعْطاكَ مِنْ شَذاهُ ما شِئْتَ، فَعَجَنْتَ كَلِماتِكَ بِما أَعْطاكَ وقَدَّمْتَ لَنا أَدَبًا شامِخًا كَشُموخِ الجَرْمَقِ.. صامِدًا كَصُمودِ الزَّابودِ.. عَطِرًا كَعِطْرِ قَرَنْفُلٍ غَرِسَتْهُ جَليلِيّاتٌ فاتِناتٌ تَدَلَّى على جَوانِبٍ الطُّرُقاتِ يَنِثُّ أَصْباحًا واعِدَةً، ويَسْتَعيدُ فَرَحُا هارِبًا.

       أَحْبَبْناكَ يا مُحَمَّد.. أَحْبَبْناكَ بِهَذا الاسْمِ المُبارَكِ.. أَحْبَبْناكَ بِكُلِّ ما حَمَلْتَ مِنْ صِفاتٍ؛ حَتّى الَّتي لَمْ نَكُنْ في وِفاقٍ مَعَكَ فيها كَالمُبالَغَةِ في التَّواضُعِ والإِيثارِ وإِنْكارِ الذّاتِ، أَحْبَبْناها فيكَ لِأَنَّها فُصِّلَتْ ثَوبًا قَشيبًا على مَقاسِكَ لا يَليقُ إِلَّا بِكَ! أَحْبَبْناكَ ومِنْ حَقِّنا أَنْ نَتَساءَلَ: ما أَنْتَ اَيُّها الرَّجُلُ الأَريب؟! يا مَنْ إِذا كَتَبَ أَعْجَب.. وإِذا تَكَلَّمَ أَطْرَب.. وإِذا وَقَفَ على مِنْبَرٍ أَلْهَب! ما أَنْتَ اَيُّها الفارِسُ الَّذي أَعْطى الفُروسِيَّةَ مَعْنىً حَضارِيًّا، لَمْ تَعْتَلِ صَهْوَةَ جَوادٍ يَومًا.. وَلَمْ تَشْهَرْ سَيفًا أَو رُمْحًا.. ولَكِنَّكَ اعْتَلَيتَ صَهْوَةَ الكَلِمَةِ، وشَهَرْتَ يَراعًا يَرْشَحُ نورًا يُضيءُ عَتْمَةَ الحَياةِ أَمامَ بائِسينَ يائِسينْ. فَكانَ أَمْضى مِنْ أَيِّ سَيفٍ وأَنْفَذَ مِنْ أَيِّ رُمْح.

       سَلامٌ عَلَيكَ يا مَنْ سِرْتَ تَحْتَ الرَّايَةِ الحَمْراءِ.. رايَةِ حِزْبِ ماركس ولينين.. وقُدْتَ الضّالِّينَ إِلى جادَّةِ الصَّوابِ واليَقين.. 

       سَلامٌ عَلَيكَ يا مَنْ تَرَكْتَ لَنا أَدَبًا حَمَلَ جُرْحَ فِلَسْطينَ وأَحْيا النَّبْضَ الثّائِرَ في قُلوبِ الكادِحين..

       سَلامٌ عَلَيكَ يا مَنْ إِذا سامَرْتَ الحَزينَ صارَ سَعيدًا.. وصارَ السَّعيدُ أَسْعَد..

       سَلامٌ عَلَيكَ يا رَفيقي..

       سَلامٌ عَلَيكَ يا مُحَمَّد..!

                                                          حسين مهنّا  البُقيعَة / الجَليل 24/7/2021     

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1834

اخر الأخبار

2024/05/01 02:31:12
رئيس مجلس النواب الأمريكي يهدد الجنائية الدولية بإجراءات إذا أصدرت مذكرة اعتقال بحق نتنياهو


2024/04/30 17:52:09
ترامب ينتقد نتنياهو ويقول: ما وقع في 7 اكتوبر الماضي كان ينبغي الا يحدث ابدا ونتنياهو يلام على ذلك بشدة


2024/04/30 14:05:02
اصابة شرطي بجراح متوسطة اثر عملية طعن في القدس... اصابة جندية بعملية اخرى في برطعة


2024/04/29 20:08:29
الدكتور سليم بريك في حوار صوتي أجراه معه كمال إبراهيم في المواضيع السياسية الراهنة


2024/04/28 22:24:38
ترقبُوا صدور مجموعة الشاعر كمال إبراهيم الرُوحانِيَّة : " روحانيَّات 4 "


2024/04/28 17:10:32
الشاعر كمال إبراهيم في حوار أجراهُ معه الإعلامي عماد غضبان تناول مشوار كمال إبراهيم الشعري وتخصصه بكتابة الشعر الروحاني


2024/04/27 19:47:09
القسام ينشر فيديو جديد لأسيرين إسرائيليين: الضغط العسكري أدى لمقتل عشرات الأسرى الذين بأيدينا - عائلات الأسرى: الدخول لرفح تضحية إضافية!


2024/04/27 12:17:35
*قاضي المحكمة العليا الرون يطالب المستشارة القضائية للحكومة أن تفسّر لماذا لا يقدّم النائب الطيبي للتحقيق*


2024/04/27 10:19:28
توافد عشرات الوفود والهيئات التّمثيليّة الى مقام سيّدنا النّبيّ شعيب عليه السّلام .