طلب القهوة وما شربهاش - بقلم : الإعلامي والكاتب نادر أبو تامر

تاريخ النشر 16/12/2009 14:16

بقلم: الإعلامي والكاتب نادر أبو تامر
 
ثلث ساعة. ابتداء من الحادية عشرة... هكذا كان الاتفاق مع صديقي سمير. ألتقي معه مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع. نحب الجلوس معًا. لكن، في ذلك الأسبوع لم نتفرغ. لا أنا تمكنت من إيجاد الوقت المناسب لاحتساء كوب قهوة معه، كعادتنا، ولا هو.
وأخيرًا، بعد اتصالات عديدة واس أم اسات متكرِّرَة وَجَدْنَا الوقت المناسب.
رتبت أفكاري لكي أسردها عليه. العديد من القصص مرت عليّ هذا الأسبوع. وعادة أستشيره بها.
عندما التقينا تصافحنا بحرارة وبضحكة كبيرة معناها: ها نحن نلتقي أخيرًا لكي نتبادل أطراف الحديث. أخذ كلٌّ منا كرسيَّهُ وجلسنا من حول الطاولة الدائمة التي نجلس إليها في مقهى أبي أيمن.
ونقز سمير فجأة، عندما رنّ هاتفه الخلوي. هاتفه لا يكف عن الرنين، مثل هاتفي. لم تكن رنة راقصة. بل عادية.
سمير الذي عرف أننا لم نلتقِ إلا بعد محاولات عديدة بسبب مشاغلنا اعتذر مني وأبلغني أن المكالمة هامَّة، أي أنه لوما كان مضطرًا للردّ على المتصل لما أجاب.
فقلت له: "بهمش، أبو ياسين، خذ راحتك".
وأخذ أبو ياسين راحته عالآخررررر. تحَدَّثَ عدة دقائق خِلْتُهَا عامًا كاملا.
 
 
ثم أخذت أقلب هاتفي في يدي. فحصْتُ رَنَّتَهُ، فكانت عادية. حتى أسوأ من جرس مدرستي الابتدائية. ثم رنّ هاتفي. وكان سمير ما زال يتحدث. فسمحْتُ لنفسي بأن أبحث في بعض القضايا مع موظف شركة التأمين الذي اتّصل بي. وانهمكت في التفاصيل. وصار من الصعب قطع المكالمة.
وحين انتهت مكالمتُهُ كُنْتُ مشغولا بمكالمتي. ورأيتُهُ وقد بدأ يفتش في الأسماء الموجودة في ذاكرة هاتفه. ثم توقف عند اسم ما وسألني معتذرًا على مقاطعتي، إذا كان هذا اسم رامي. طلب سمير مني المساعدة لأنه نَسِيَ نظَّارَتَهُ في البيت.
"نعم"، قلْتُ له وتابَعْتُ مكالمتي. فاتّصل هو برامي.
في هذه الأثناء تقدَّمَ منا أبو أيمن ليسألنا إذا كنا نريد شرب فنجان من قهوته المعروفة، لكننا كنا مشغولين بهاتفينا.
عندما أعطيْتُ محدِّثي كل التفاصيل تنفست الصعداء. ثم عُدْتُ لأحدِّثَ صديقي واستمع إلى قصصه، لكنه كان قد انشغل بالمكالمة مع قريبه رامي. رامي سيتزوج هذا الأسبوع ونحن من "المعازيم".
أردت أن أطلب كوب قهوة لي. لكنني لم أرَ من المناسب ان أطلب لي دون أنْ أطلب له. فانتظرتُهُ حتّى ينهي مهمته.
وبالفعل، سارعْتُ إلى طلب فنجانين من القهوة، قبل أن تقطعَ جلستَنَا مكالمةٌ أخرى.
عندما أحضر صاحب المقهى أبو أيمن فنجاني القهوة قال لي سمير: "هل تستطيع أن تشرب الكوبين؟". ظنَنْتُ أنها طريقة جديدة لدخول كتب جينيس بعد كنافة نابلس وتبولة شفاعمرو.
"لماذا؟" سألته
فقال بحزم: - "لازم أمشي، في جماعة عَمْ بِسْتَنُّونِي عند أخوي الساعة 11:20".
- "ماشي يا عزيزي".
- "أنت عارف، قال، إحنا اتفقنا على ثلث ساعة، وانتهى الثلث".
- "ما عليك، نلتقي، سلام " قلت لسمير عندما كان يغادر المقهى. وهو الذي أنهى دراسته في ألمانيا وصار دقيقًا في مواعيده أكثر من الألمان أنفسهم.
نادَيْتُ على أبي أيمن لأدفع الحساب، فكان صديقي قد دفع المبلغ قبل أن أصل المحلّ ليوفر على نفسه الوقت، وليوفر علينا التدافع على الدفع. غادرت المقهى بينما كان الكوبان على الطاولة ساخنَيْن.
حين كنت أفتح باب المقهى الزجاجي لأغادر، كانت ملامح وجه أبي أيمن الذي يعتزّ بقهوته تدلّ على الاستغراب وكأنه يسألني لماذا طلبنا القهوة ولم نشربْها.
للمراسلة [email protected]

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1730