الصدام الدستوري - وما بين المستشار والمحكمة : بقلم المحامي سامر علي

موقع سبيل,
تاريخ النشر 2019/12/21 13:35:42

المعضلة الدستورية التي تقع بها دولة اسرائيل هي فريدة من نوعها بكل المفاهيم ولا مثيل لها في انظمة ديمقراطية مماثلة لا سيما في ديموقراطيات اوربية او امريكية التي هي النهج الموحي للنظام القضائي الاسرائيلي . رجال القانون والقضائيون من الدرجة الاولى يتخبطون بحل لغزها - اذا صح التعبير ، والتي تتمثل بالسؤال القانوني التالي : هل يستطيع رئيس حكومة بعد الانتخابات ان يلقى على عاتقه من قبل رئيس الدولة كتاب تكليف لتشكيل حكومة بقبعة كونه عضو كنيست الذي قُدمت ضده لائحة اتهام فيما اذا فاز في الانتخابات او بقي التوازن على ما هو عليه ؟ .

قبيل ايام معدودة اصدرت المحكمة العليا قرارها بصدد طعونات والتماسات قدمت من قبل الحركة لجوده السلطة . مفادها، لماذا لم يستقيل رئيس الحكومة من منصبه بسبب لائحة الاتهام ضده ،كون ذلك يمس بثقة الجمهور ؟ ولماذا لم يقرر المستشار القضائي بشان عدم تكليفه كعضو كينست لتشكيل حكومة بعد الانتخابات .

قبل ان ندخل بخضم القرار الصادر عن المحكمة وتداعياته ،نقف عند الارضية القانونية ومعرفتها حتى يتسنى لنا فهم الموقف من جميع نواحيه .

تقديم لائحة الاتهام ضد نتنياهو خلقت مناخًا قانونيًا متصادمًا . من جهة قانون اساس الحكومة يسمح له باستمرارية مزاولة منصبه كرئيس حكومة الى ان يكون قرار حكم نهائي بشان لائحة الاتهام ضده ، ومن جهة اخرى شريطة أنه يحمل لقب رئيس حكومة مزاول لأعماله كرئيس حكومة.

مع العلم أن القانون نفسه يمنع وزير من مزاولة مهامه فيما اذا قدم ضده لائحة اتهام بالخلاف عن رئيس الحكومة ومن هنا التناقض والالتباس في التشريع القانوني الذي يُصَعِّب المهمة أكثر .

بالعودة لقرار الحكم بالاتماس بهذا الصدد ، ان الطعونات بشان اقالة نتنياهو من منصبه رفضت من قبل المحكمة معللة" قرارها أن لا طائل من دحره من منصبه لان حتى ولو اقيل سيبقى رئيس حكومة تصريف اعمال او انتقاليه بموجب القانون. ناهيك ان الانتخابات قد تعين موعدها لذلك لا حاجه للبت في هذه الصدد وبالتالي رفض ادعاء اقالته من منصبه. اما بالنسبة لموضوع تكليف نتنياهو كعضو كنيست لتشكيل حكومة، احالت المحكمة الموضوع للمستشار القضائي لأخذ موقفه القانوني من هذه المسألة، وليعلم الملتمسين والمحكمة بموقفه. وفي غضون ايام قليله رد المستشار القضائي - بعد احالة الموضوع له - ان هذا الموضوع هو دستوري سياسي ذات صبغه جماهيرية ولم تأت الساعة للبت فيه (لعدم معرفة نتائج الانتخابات مسبقا" ) وبالتالي لم يجزم المستشار القضائي بما يسمى المعضلة الدستورية رغم قرار المحكمة وتصويب الجزم لمرماه.

رد المستشار دون الجزم بالمعضلة، كان مفاده رد الكرة لمعلب الخصم اي المحكمة ، اي بمعنى اخر لعبة المد والجزر بين العليا والمستشار دون اتخاذ قرار الذي قد يؤدي الى تفاقم المعضلة، سيما اذا كانت نتائج الانتخابات بقيت على ما هو راهن اليوم، او اذا فاز نتنياهو بالانتخابات او اذا عادت الاحزاب لنفس الحوار والنقاش بمسالة التناوب على رئاسة الحكومة .خلاصة الموضوع أن المحكمة جزمت في قضية اقالة نتنياهو. لكن لا المحكمة ولا المستشار جزم في قضية تكليفه كعضو كنيست لتشكيل حكومة ما بعد لانتخابات .

راينا القانوني والقضائي ومن باب دراسة القانون هو كما يلي :

1. اخطاء المستشار القضائي بعدم اتخاذ قرار بشان كون نتنياهو - تحت ظل لائحة الاتهام - فيما اذا يستطيع تشكيل حكومة. عدم الرد معناه ابقاء الدولة في دوامة دستورية وارسال الناخب الاسرائيلي الى الانتخابات دون المعرفة ما اذا ستحدث عمعمة الاجواء السياسية .

2. اذا انتهت الانتخابات بنفس موازين القوى سنعود لنقطه الصفر دون حكومة اخذه بثقة البرلمان وقد يطول امد الحكومة الانتقالية اكثر من اللازم الامر الذي يمس في اعمال الدولة ومشاريعها وميزانيتها بالتالي بسكان الدولة اجمعين.

3. قرار العليا بشان عدم اقالة نتنياهو - ومع كل التذمر منه - كان واقعًا في محله ويستند على قانون اساس الحكومة ،مع اني على ثقه ان لو لم يعين موعد للانتخابات لكان قرار المحكمة مغايرًا .

4. اما بشان عدم اتخاذ القرار التكليف سواء ان كان من قبل المستشار او المحكمة . القانون والسوابق القضائية واضحه . راينا القانوني المبني على القانون والسوابق التي اصدرت من قبل ذات المحكمة يقول:

كتاب التكليف يلقى بموجب القانون على عاتق عضو كنيست لتشكيل حكومة، وهو لا يلقى على عاتقه كرئيس حكومة لا سيما كرئيس حكومة انتقاليه ، هذا يعني في حين يتلقى نتنياهو كتاب التكليف لتشكيل حكومة . هو يأخذه كحامل لقب عضو كنيست وليس تحت لقب رئيس حكومة . في حينها لا يستطيع رئيس الدولة القاء مهام تشكيل الحكومة على عضو كنيست متهم برشوة وخيانة الأمانة . ليس هذا فحسب بل حتى لو ادعى نتنياهو انه رئيس حكومة مزاول اعماله (מכהן) ولجأ الى قانون اساس الحكومة الذي يخوله بمزاولة اعماله تحت وطأة لائحة الاتهام ، قد لا ينفعه الادعاء . لان على المحك في ساعة التكليف ليس استمرارية مزاولة اعماله كرئيس حكومة انما مزاولة اعماله كعضو كنيست لتشكيل حكومة متهم بالرشوة وخيانة الأمانة لذلك لن يجوز تكليفه . والجدير بالذكر ان في الانتخابات المنصرمة عندما القي على عاتق نتنياهو تشكيل الحكومة لم يكن متهم ولم تنشر لائحة الاتهام ضده . الأمر المغاير الآن . الحل لهذه المعضلة هو توجه ثاني للمحكمة العليا لإعطاء قرار قبيل الانتخابات .

سامر علي محامي

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1730