هل حقا ً للمرأه قضية ؟ أم أنها انتهازية تختلق القضايا ؟

تاريخ النشر 18/8/2009 20:00

 

بقلم نور عامر

كنت بغنى عن إثارة هذه القضية لولا تراكمات ألوكها يوميا ولا أبتلعها ، شعرا ونثرا في الصحافة والمواقع الإلكترونية محليا وإقليميا ، أقلام نسائية تكرس جهدها في الاحتجاج ضد الرجل الأناني الرجعي المتزمت ، يقف عقبة أمام تحقيق أهدافها وقضاياها ، ويمنعها من تحقيق حريتها أو تحررها ، حتى صار الرجل هو " الإلهام " الضروري والمنكر الذي تستمد منه شعرها ونثرها ، مظلومة مستباحة مستلبة . لا سيما الأديبات ضيقات الأفق المجدبات ابتكارا وتجديدا ، لا يبرحن هذا المحور الذي يشكل غذاء  دسما لكتابات تكرر نفسها بصيغ مختلفة لكن في نفس الهدف . ولولا ضيق المجال لقدمت مئات النماذج من هذا المدد الغزير ، والمحفز ربما لاحتجاج ذكوري أكثر زخما . لكنني أليّن المسألة كوني مع المرأة في قضاياها الملحة ووجوب تحررها ، بيد أنني ضد انتهازيتها ، وضد أن تعكس كتاباتها ـــ بمناسبة وبدون مناسبة ـــ الكليشهات الممجوجة " صرخة نساء في وجه الرجل " !! .
كضرورة لهذا السياق نعود الى قضيتها الأولى " السفور والحجاب " فرض في عهد النبي محمد ( ص) قبل أربعة عشر قرنا ، ولم تظلم في عهد الرسول الكريم امرأة ، لم تقل يوما أنها مظلومة بسبب الحجاب .
 في الربع الأول من القرن الماضي أصبح الحجاب قضية القضايا ، فحين كان الشعب المصري يغلي ويتظاهر ضد الإحتلال الإنكليزي ويطالب بجلاء المحتل عن بلاده ، انتهزت المرأة هذه الظروف ، وبقيادة زعيمة النهضة النسوية هدى شعراوي نزلت الى الشارع تتحدى الرجل ، وتهتف ضد الحجاب ، خلعته وأحرقته . وانتصرت قضيتها ، فتصدرت الإعلام العربي والشعر العربي . هتف حافظ إبراهيم :
" خرج الغواني يحتججن ورحت أرقب جمعهنه / فإذا بهن تخذن من سود الثياب شعارهنه " .
هذا في الوقت الذي لم يشكل الحجاب حينذاك قضية ملحة بالقياس مع قضية الصراع مع الانكليز. كذلك لم يشكل قضية هامة في ذلك الوقت بالقياس مع قضية المرأة الأوروبية ، إذ قامت الحركة النسوية هناك بنضال له مصداقية عالمية ، طالبت بالمساواة في الأجر مع الرجل الذي يعمل معها في المصنع نفسه وساعات العمل نفسها ، بينما تتقاضى هي نصف ما يتقاضاه الرجل من الأجر.
هل انتهت قضية المرأة العربية بالسفور والحجاب . أبدا ! إنها دائمة الشكوى والتذمر ، إنها ضحية في مجتمع ذكوري مستبد لا يرحم ! .
فالمكوث في البيت من أجل تربية أطفالها تعتبره ظلما وسجنا !! وهل هناك مهمة أسمى وأشرف من الأمومة وتنشئة الأجيال . " الجنة تحت أقدام الأمهات " .
وماذا يعني لو ارتدت المحتشم الجميل . هل الحرية بالموديلات الفاضحة والتبرج ؟ ! .
ومع ذلك سارت مع تيار الموضة والصرعات . ولا ضير في ذلك . وطالبت أن تنزل سوق العمل ، فنزلت تذهب وتعود حرة طليقة تتحدث بصراحة وحرية ، تناقش تجادل تختار شريك حياتها وموديل سيارتها ، وشكل صدرها   لو رغبت نفخه بالسيلكون . فلا أحد يمنعها ، حتى زوجها أصبح يخشى معاندتها كي لا تستنجد بالشرطة ، أو تجمع عليه الأقارب والمعارف يلقنوه درسا في الإتيكيت  وحسن التصرف ! .
ومع ذلك فإن قضاياها لا تنضب ، واحتجاجها ضد الرجل المتحجر أصبح روتينا أدمنته . وإذا لم يكن هناك قضية ، فهي تختلق قضية ! . إنها انتهازية تستغل كل فرصة كي تبرهن أنها مظلومة ، حتى مسائل فشلها في الحب والزواج أصبحت قضية ملحة في إطار حريتها المفقودة ! .
في الواقع أنها وصلت مرحلة ممتازة من التحرر المعنوي والإجتماعي .  فماذا تريد بعد ؟ ! .
أستبعد أن تطالب يوما بتحررها من الأخلاق ، باعتبار أن لنا في الغرب عبرة ، تحرر من الأخلاق فكانت النتيجة تفكك الأسر ،   والجريمة والقلق والمخدرات والأمراض النفسية والإنتحار والجنون . إنها مجتمعات آيلة الى الخراب .
ولئن نعزو افتراضا نهج المرأة العربية في موقفها من الرجل لرواسب اجتماعية من أيام الجاهلية ، حيث كانت المرأة مهضومة الحقوق مهانة ، فإن هذا الإجحاف من قبل الرجل لم يقتصر على المرأة العربية بالذات ، ومثلنا في ذلك المرأة عند الرومان لم يكن لها حق التملك لا في المال ولا في الزواج ، وعند اليهود كانت المرأة في مرتبة الخادم ، وكان الحق لأبيها في بيعها ، وكانت تحرم من الميراث .
فلماذا ظلت هذه الرواسب عالقة في ذهن المرأة العربية دون سائر الشعوب ؟ .
ربما هناك أسباب لا أفهمها . لكن ما أفهمه أن هذا الهجوم على الرجل ووصفه بالمتخلف والرجعي لا يخدم قضية المرأة بقدر ما يخدم سياسيا أعداء الأمة العربية ، وهذا حديث يطول شرحه .
في هذه المناسبة أنظر بارتياح الى بعض الأديبات ينظرن الى الموضوع نظرة مغايرة ورؤية مختلفة . الروائية اللبنانية هدى بركات تدافع في كتاباتها عن قضايا أقرب لأن تكون قضايا رجال . وهذا يتفق مع رؤية الكاتبة المصرية سكينة فؤاد : " الرجل لا يقل عن المرأة تعبا ومعاناة ، نتيجة أنه أعطي فهما خاطئا في موقفه من المرأة " .
كذلك الشاعرة السعودية د. ثريا العريّض : " الأنوثة عندي أن أقوم بدوري في الحياة بمشاركة الرجل ، وأن أشارك الرجل في صنع القرار " .
لشديد أسفنا أن مثل هذه الآراء النسائية النيّرة هي حالات استثنائية وقليلة جدا بالقياس مع الكم الهائل من المحيط الى الخليج ، أقلام نسائية نحترمها ، لكننا نطالبها ومن باب النوايا الحسنة ، أن تحرر الرجل من قضبان غضبها المفتعل، وأن تلتفت الى قضايا مصيرية هي أولى بالمعالجة والاهتمام.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1809