رسالة الى روح ابن أخي فراس سعيد طريف - بقلم نمر طريف

بقلم أبو شادي نمر طريف,
تاريخ النشر 31/01/2015 - 08:35:55 am

ابن أخي الغالي 
لم يكد يمرّ أسبوع على نبأ وفاتك في حادث عمل ,والذي وقع كالصاعقة علينا جميعا ,على أبيك وأمك ,على أخيك وئام وأختيك روان وديمة ,على خطيبتك أسيل وأهلها وذويها,على جدّتك, أعمامك وأبنائهم وأحفادهم ,عمّاتك وأبنائهم وأحفادهم ,أخوالك وخالاتك وأبنائهم وعلى باقي أهلك وذويك,على أصدقائك الكثيرين ,بل على جميع أبناء البلد الحبيب والبلدان الأخرى بجميع طوائفهم ومذاهبهم ,يهودا ,مسلمين,مسيحيين وموحدين,لم يكد يمرّ هذا الأسبوع الطويل حتّى اشتقنا اليك وبتنا نفتّش عليك في كلّ مكان . بتنا نفتّش عليك في دار أهلك ,عند جدّتك,في دار أهل خطيبتك ,عند أعمامك وأخوالك ,عند أصدقائك وفي  مكان عملك لكنّنا لم نجدك.بتنا نهاتفك ولكنّك لا تردّ.بتنا نكتب اليك الرسائل على الخليوي وما من مجيب.
أين أنت يا غالي على قلوبنا جميعا ,هل ذهبت في سفر طويل وبعيد يمنعك عن الاتصال بنا أو الرد ّعلينا ,أم أنك ابتعدت حتّى تمتحن فينا مدى محبّتنا لك وخوفنا عليك,أم أنك تمتحن صبرنا على غيابك ؟.بالله عليك يكفينا هذا, ردّ علينا ,دلّنا على مكانك  . اذا كنت على وجه هذه البسيطة فأخبرنا بمكانك ونذهب اليك واذا كنت قد نقلت محلّ سكناك وجاورت الملائكة المقربين من الله عزّ وجلّ فندعوك أن تبقى هناك وتفتّش عن الأحباب الذين سبقوك ,وهم كثيرون وتعرفهم جميعا ولن اذكرهم بالاسم لكيّ لا تعتب علي ّروح أحد منهم  اذا نسيت أن أذكر اسمه.
أود أن أعلمك يا ابن أخي الغالي أن الآلاف قد جاءوا من القرى والمدن المجاورة والبعيدة ,على اختلاف مذاهبهم ,ليشاركوا في "مهرجان" جنازتك المهيب والذي أقيم في بيت الشعب الجديد الذي أفتتح قبل شهرين ليرفع رأس أهل بلدنا وليفتح أعينهم على مصاريعها ويشرّفنا بين الأمم ويريح المعزّين الوافدين الينا بكل ما تحمل الكلمة من معنا .
نعم ,لقد شارك الكثيرون  في جنازتك المهيبة ,رجال ونساء ,شباب ومسنّون, حتّى الأشبال الصغار شاركوا في جنازتك.
أبشرك أن رجال الدين ,رغم انك لم تتصل بالدين بعد,ولم تتزيّا بزيّ رجال الدين, قد رحموك رحمة صادقة كما يرحمون رجل دين تقيّ ورع.كلّ هذا لأنك توفيّت وأنت تتعب وتكدّ لكي تأمّن ثمن بناء دارك من رزق الحلال  وعرق جبينك.نعم ,أنت تستحق كل ّ هذا وربما أكثر.
أما الجماهير التي شاركت  في الأيام التي تلت يوم الدفن فقد توافدت على دار أبيك بالمئات اذا لم يكن بالآلاف ,وكل من حضر قد شهد لك بأخلاقك العالية ,نخوتك,وشهامتك ,مسايرتك للناس,اخلاصك وتفانيك بعملك على أتم ما يكون وكأنّك تعمل في مصلحة أنت مالكها.
في هذه الليلة حضر الينا ليعزّينا صاحب العمل والمسؤولون عنك ,زملائك في العمل ,واحضروا معهم هدية لنا أفرحتنا وأبكتنا في ذات الأوان.أفرحتنا لأنها لفتة غالية من المسؤولين ومن زملائك .وأبكتنا لأنها صورتك مكبرة وأنت تبتسم كما عهدناك وعهدك كلّ من عرفك وقد كتبوا عليها :  "اذا العين لم تراك فالقلب لن ينساك" ,مما أثار الحزن في قلوبنا وأجرى الدموع في مآقينا من جديد.
لقد كتب لك الشاعر الشيخ أبو الوليد سلمان دغش قصيدة رثاء مؤثّرة جاء فيها :
"فقدتك قريتك المغار بكلّ من                              ربّت من الشيخان والفتيان
فقدتك في عمر الربيع زهوره                              تعلو على الأطواد والكثبان
شهما أبيّا  صادقا ومميّزا                                   في عمر زهر الفلّ في نيسان
فقدتك بالدمع السخيّ بكلّ ما                                حملت دموع العين من أحزان"  
كما قرأ الشاعر الزجال فتح حمادي من شفاعمرو قصيدة رثاء في أثناء تواجدنا في الخلوة الشرقيّة ,ولم يكن يعرفك وحتّى لا يعرف أحدا منّا ,نحن أهلك وذويك,ولكنه تأثّر بالحادث عندما عرف عنه وسمع عن شخصيتك وأخلاقك فعبّر عن مشاعره بقصيدة زجلية جاء فيها:
"بكّير عنّا رحل فراس سعيد الطريف                     بشعر معاكو بذات الألم والأحساس 
رحل ساعي العمل والأمل وفعل نضيف                  صفحة حياته نضيفة مزينة الكراس
بكّير يا جاني الرزق ويا جاني الرغيف                 طبعك شجاع وشهم بالكرم ما بتنقاس
يا رب ارحم فراس الطاهر الحر الشريف                 اسمه نقي لامع مثل الذهب والماس  
بطلب الرحمة بجاه الحق الحي اللطيف                      انشالله جنة عدن مثواك يا فراس "
نعم يا ابن أخي لقد حفر موتك جروحا عميقة في قلوب من أحبوك وأحببتهم ,فكان المصاب أليما قاسيا والفراق صعبا ثقيلا لا يحمله الّا الأشداء  من بني البشر.لكن ايماننا بالله والقضاء والقدر والعقيدة الثابتة ,ومشاركة الجماهير الغفيرة والوجوه الكريمة الطيبة التي حضرت لتعزينا وتواسينا ووقوف الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران وكلّ المحبين ووقوف  رفاق أبيك المقربين من القدس ,من يانوح,من البقيعة,من كسرى ,من الرامة ومن بيت جنّ , من المغار وغيرها,ووقوف رفاقك وأترابك وقفة مشرفة بجانبنا وتواجدهم المتواصل من حولنا والذين كانوا كلما دخلوا علينا حضنوا أباك وأمك وقبّلوهم وكأنهم لم يروهم عدة شهور وكلما خرجوا من عندنا فعلوا ذلك وكأنهم سيغيبون عنهم سنين طوال ,وهذا كان يوميا وأحيانا لأكثر من مرة في اليوم ,ممّا خفف من وقع المصيبة وقسوة الفراق وزاد من ايماننا ودفعنا نحو الصبر والسلوان شاكرين حامدين ,راضين بحكم الله مسلّمين لأمره .
نعم يا ابن أخي ,لقد سبقك الكثيرون من الأحباء الى جنّات الخلد,وكان آخرهم  ابن خالتنا الشيخ أبو حمد سلمان عمّار  ,رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ,وقد كنّا شركاء في تقبّل التعازي في بيت الشعب لمدّة يومين وفي الخلوة الشرقيّة ليوم آخر من بعدها لحق بكم صديقنا الشيخ أبو نضال توفيق عساقلة فأخلينا الخلوة  لنفسح المجال لأصدقائنا وجيراننا آل عساقلة لكيّ يقوموا بواجبهم تجاه جنازة أبي نضال ,رحمة الله عليه.
نم قرير العين يا ابن أخي قرب الأحباب وبجوار الملائكة وثق أننا سنبقى نذكرك بصورتك الجميلة وأنت تبتسم ونعاهدك أن نبقى واقفين بجانب والديك واخوتك وبجانب من كانت خطيبتك وذويها وقد عاهدناها وعاهدناهم أنها ستكون (بما أن الله لم يقسم لنا أن تكون زوجة لك وأن تكون كنّتنا)ستكون لنا بمثابة ابنة ثالثة وأختا لأختيك روان وديمة .
نستودعك الله يا غالي في جنات النعيم,فان غاب جسدك عنا فروحك وذكراك العطرة باقية فينا ما حيينا.


عمّك المحب والمشتاق
أبو شادي ,نمر طريف
31.01.2015

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.דגשالله يرحمو ويجعل مثواه الجنه31/01/2015 - 08:40:55 pm

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1853