الاستراحة الثالثة .... *رائحة وصوت*

بقلم المحامي فريد غانم,
تاريخ النشر 07/09/2013 - 06:51:50 pm

يحكى أن فقيرا وقف، وهو يتضور جوعا، إلى جانب مقهى. وكان جائعا ألى درجة أن "صيصان بطنه" - كما نقول بالعامية - كانت تقيم الدنيا عليه. فاتخذ موقعا قرب مطعم للمشاوي وأخذ يتنشق روائح اللحم المشوي المنبعثة من المطبخ، ويحرك كسرة خبز يابسة في الهواء، على أمل أن تلتقط بعضا من دخان المشاوي. .... وقف صاحب المطعم على المدخل وسعى إلى اجتذاب المارة ليدخلوا إلى مطعمه، وكان ينادي: "أهلا وسهلا، مشاوي ببلاش". انتبه الفقير إلى هذا النداء فظن أنه وجد ما يملأ معدته، وحينما أوشك على الدخول إلى المطعم، أوقفه صاحب المطعم بيده وسأله: "ماذا تريد أيها المتسول. حسب لباسك والخرقة التي تغطي بها جسدك، ليس معك فلس واحد لدفع سعر الوجبة. هل معك نقود للدفع؟". ..... قال الفقير: "ولكنني سمعتك تنادي وتدعو الناس لتناول الطعام مجانا، ״ببلاش״. وأنا جائع جدا.". ..... أجابه صاحب المطعم: "وهل ظننت أنني غبي وفتحت المطعم لكي أخسر؟ بعد أن يدخل الزبون ويأكل، يدفع ثمن الوجبة بالكامل. الكلام والوعود ״ببلاش،״ لكن الوجبة يدفع ثمنها الزبون عدا ونقدا". .... الفقير: ״لكن كلامك عبارة عن وعد. أرجو أن تفي بوعدك." ..... صاحب المطعم: هذا كلام، مجرد كلام، يا صاحبي. لو كنت أقدم الطعام مجانا، لكنت كتبت إعلانا خطيا. نصيحتي، لا تصدق الوعود الفارغة. فمن يعدك، شفهيا، يستطيع أن يوزع الوعود على ألف غيرك. من يعدك بشيء، أطلب منه التزاما خطيا" .... عاد الفقير أدراجه، محبطا، ووقف على مقربة من شباك المطبخ وراح يلوح بكسرة الخبز عسى أن تلتقط بعض رائحة المشاوي. رآه صاحب المطعم فسأله: "ماذا تفعل؟". قال الفقير: "ألتقط بعض رائحة المشاوي، لعلني أستطيع تناول الخبز اليابس." فقبض عليه صاحب المطعم واستدعى الشرطة، مطالبا الفقير بدفع ثمن رائحة المشاوي. .... حضر ضابط شرطة، واستفسر عن التفاصيل. فسأل صاحب المطعم: "منذ متى يدفع الناس ثمن رائحة المشاوي؟". فأجاب صاحب المطعم: "وماذا يبقى من المشاوي بدون رائحتها؟". .... فكر الضابط وقال:"معك حق. وما هو السعر؟". قال صاحب المطعم: "خمسة دنانير ذهبية". أخذ الضابط صحنا من المعدن، أخرج خمسة دنانير ذهبية، وأسقطها في الصحن واحدا بعد الآخر، وكان يعد: "واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة". وكان كل دينار يرتطم بالصحن، يخرج صوتا. ثم جمع الضابط الدنانير وأعادها إلى جيبه. وقال لصاحب المطعم: "لقد سددت لك دين هذا المسكين". .... احتج صاحب المطعم، وقال: "لم آخذ منك سوى صوت الدنانير". ..... فقال له الضابط: "أعطيته رائحة فخذ صوتا". .... ملاحظة: الفكرة الأصلية مقتبسة عن قصة من قصص جحا، مع كثير من التصرف والتعديل. .... ملاحظة أهم: من يوزع عليكم الوعود الشخصية، يوزعها على غيركم أيضا. وفي النهاية لن تحصلوا إلا على رائحة، أو أقل من ذلك. مثل هؤلاء لا يستحقون لا دينارا ولا صوتا.


بطلب من المحامي فريد غانم لن ننشر التعقيبات.

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.
1.المحاميلقد عبرت ايها الرئيس بما يجول في خاطرنا اتجاه انتخابك وايصالك الى كرسي الرئاسة وتبين لنا انك اطعمتنا روائحا لا غير واسمعتنا اصواتا لا غير . لقد صدقناك وحملنا كلامك على محمل الجد وسرنا في ركابك ولكن هيهات ان يعود الزمن الى الوراء ولكن الامل في المستقبل الذي سيكون من دونك لاننا شبعا كلام في كلام في كلام وسئمنا تفهاتك التي تصر على اطعامنا اياها ليل نهار اقول لك ارحل ارحل GAME OVER09/09/2013 - 10:00:57 am

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1853