السلطة المحلية في النظرية والتطبيق (8)

بقلم المحامي فريد غانم,
تاريخ النشر 21/08/2013 - 09:13:52 am

عن الميزانيات غير العادية (أ)

 بعد انقطاع معين، لضرورة نشر أمور أخرى، نعود إليكم في حلقة جديدة. تعتمد السلطات المحلية في مجال البناء والتطوير والكثير من المشاريع البشرية على ميزانيات من وزارات ومؤسسات رسمية وشبه رسمية مختلفة، وعلى رأسها وزارات الداخلية والبناء والمواصلات (والشركة الوطنية للمواصلات - ماعتس سابقا) والرفاه ومؤسسة "مفعال هبايس" و"طوطو وينر" والأمن الداخلي ومكتب رئيس الحكومة وصندوق "راشي"، ووزارة المعارف ومؤسسة "الجوينت" ووزارة الزراعة وغيرها الكثير. وتشارك السلطة المحلية جزئيا في بعض هذه المشاريع، حيث تشترط الجهات التي تخصص ميزانيات مشاركة بنسب مختلفة من السلطة المحلية (matching) فيما يتعلق ببعض الميزانيات، في حين تشارك الوزارات والمؤسسات في بعض الشؤون بكامل الميزانيات بدون مشاركة من السلطة المحلية. الامور مركبة جدا، ولن نثقل عليكم بالتفاصيل، ونكتفي بالخطوط العامة، لتبديد بعض الأوهام والتشويهات ولإطلاع الجمهور على كيفية الحصول على الميزانيات والمعايير التي تضعها الجهة الداعمة وإجراءات صرفها، وفقا لشروط وضوابط قانونية. فيما يلي نستعرض المعايير والخطوط العامة لدى الوزارات المختلفة، وسبل تنفيذ المشاريع: ... 1. يمكن القول إن الغالبية الساحقة من مشاريع التطوير، سواء للبنية التحتية أو البنية الفوقية/البشرية تنفذ بميزانيات من الوزارات والمؤسسات القطرية المذكورة، خصوصا في السلطات الضعيفة من حيث المدخولات، مثل كل قرى المنتدى والغالبية الساحقة من السلطات العربية. ... 2. الميزانيات تقرر غالبا وفق معايير، تختلف بين وزارة ووزارة وبين مؤسسة ومؤسسة. وهذه المعايير تتعدل وتتغير أحيانا لدى المؤسسة الداعمة نفسها. وكل مؤسسة تضع، كل عام، قائمة من المشاريع التي تخصص لها الميزانيات. وعليه، لا تستطيع السلطة التي تتلقى الدعم العمل بما لا يتفق مع المعايير والضوابط التي تضعها الجهة الداعمة. .... 3. مثل هذه الميزانيات، وكل مدخول من أية جهة، تستوجب أن يصادق عليها في جلسات المجلس المحلي العادية. بعدئذ تقدم النماذج الملائمة بالمشروع أو المشاريع للجهة المعنية، للمصادقة على تفاصيل المشروع وكونه يتناسب مع معايير الجهة الداعمة، وتقدم النماذج لوزارة الداخلية ("תב״ר, תקציב בלתי רגיל, وبالعربية: "ميزانية غير عادية"). ثم يشرع في عملية المناقصة والحصول على رخصة بناء (في حالة عدم وجودها أو ضرورة تجديدها) وتجهيز كتاب بالكميات وتعيين مراقب للعمل وغير ذلك من الإجراءات القانونية الإلزامية. ... 4. لجنة المناقصات، بعد استيفاء كل العمليات والإجراءات، تفحص كل المقترحات التي يقدمها المقاولون أو مقدمو الخدمات، الذين يجب أن يستوفوا الشروط الأساس لإشراكهم في المناقصة. لجنة المناقصات، في كل الأوقات تعلن عن فور الاقتراح الأرخص، ما عدا في حالات الإشكالات القانونية (مثلا، حين تنقص مستندات هامة مثل الكفالة البنكية). فيما عدا ذلك، لجنة المناقصات تصوت لصالح الاقتراح الأرخص، وتقدم توصياتها لرئيس المجلس. على مدى السنوات الخمس الماضية، دائما فاز صاحب الاقتراح الأرخص وصادقت، بحكم موقعي، على توصيات اللجنة، مع بعض الملاحظات والتعلبمات فيزحالات نادرة، حبنما يستوجب القانون ذلك. ... 5. بناء على ذلك، فإن كل الادعاءات بتفضيل مقدم خدمات أو مقاول على آخر هي ادعاءات عارية عن الصحة وافتراءات ومن قبيل القيل والقال. فمن فاز بالمناقصات، فاز لكونه صاحب الافتراح الأرخص وليس لأنني أو أي طرف آخر ساعده. وأي مقاول لا يفوز بالمناقصة، رغم كونه صاحب الاقتراح الأرخص، يستطيع بسهولة التوجه للقضاء وكسب القضية بسهولة. لذلك، كان همنا وسيظل، أن نوفر على المجلس المحلي، بقبول الاقتراح الأرخص بغض النظر عن هوية صاحبه. لقد عاملنا المقاولين جميعا وسوف نعاملهم بمساواة مطلقة ولا فضل لأي مفاول على أي مقاول فاز في أية مناقصة. ... 5. هنالك استثناء واحد، قانوني تماما، هو أن المجلس المحلي قرر تفضيل المقاولين ومقدمي الخدمات أبناء المغار، وفق ما يسمح به القانون. ففي مناقصاتنا ننشر أنه إذا كان اقتراح ابن المغار أعلى حتى 3% من الاقتراح الأرخص الذي يقدمه مقاول من خارج المغار, حينئذ نفضل ابن المغار. وهو تفضيل يتيحه القانون صراحة. وكانت لنا حالة واحدة، قررنا فيها فوز مقاول من المغار على الرغم من كونه أغلى بأقل من 3% من المقاول الأرخص من خارج المغار. قدم هذا الأخير دعوى للمحكمة، فخسر الدعوى وثبتت المحكمة توصيات لجنة المناقصات ومصادقتي على توصياتها. .... 6. من المهم التأكيد أن الأقاويل عن تفضيل مقاول على آخر هي أقاويل عارية عن الصحة تماما. فمن يفوز بمناقصة فهو يفوز لكونه صاحب الاقتراح الأرخص. ولا فضل لأحد عليه. ومهم أيضا التأكيد أن تنفيذ أن أي مشروع قد يستغرق وقتا طويلا من لحظة البدء فيه وحتى نهايته. فالكثير من الميزانيات للعام 2011 نفذت في 2012, والكثير من ميزانيات 2012 تنفذ في 2013, وقد أنقذنا ميزانيات غير مستغلة منذ سنوات عديدة، وذلك لضرورة المرور عبر سلسلة من الإجراءات التي يلزم بها القانون. وأمر ثالث نؤكده أن كل ميزانية لها معايير، فلا يجوز الالتفاف على المعايير أو استغلال الميزانية لأمور غير مرتبطة بها وبشروطها. ... نكتفي بهذا القدر، لهذه الحلقة، على أن نعود إلى الموضوع نفسه، لأهمية شرحه للمواطنين ولتبديد الأقاويل العارية عن الصحة. . فأولا وأخيرا، لا يصح إلا الصحيح.
بطلب من المحامي فريد غانم لن يقوم الموقع بنشر أي تعقيب على المقال

تعليقك على الموضوع
هام جدا ادارة موقع سبيل تحتفظ لنفسها الحق لالغاء التعليق او حذف بعض الكلمات منه في حال كانت المشاركة غير اخلاقية ولا تتماشى مع شروط الاستعمال. نرجو منكم الحفاظ على مستوى مشاركة رفيع.

استفتاء سبيل

ماهو رأيك في تصميم موقع سبيل ألجديد؟
  • ممتاز
  • جيد
  • لا بأس به
  • متوسط
مجموع المصوتين : 1853